التجارب والبحث ، والتي يتمكن الانسان بواسطتها من الهيمنة على العالم المادي الذي يعيش فيه ، كما نشاهد ذلك في التأريخ وفي عصرنا الحاضر بشكل خاص . والاخر : العلم الإلهي المنزل من خلال الشريعة ، والذي يمكن للانسان من خلاله أن يعرف طريقه إلى الكمالات الإلهية ويشخص المصالح والمفاسد والخير والشر . وهذا التصور ينسجم مع اطلاق كلمة العلم في الآية الكريمة ، ومع فرضية أن الجواب الإلهي للملائكة انما هو تفسير لجعل الانسان خليفة ، لان الجواب ذكر خصوصية ( العلم ) كامتياز لادم على الملائكة . كما ينسجم هذا التصور مع ما أكده القرآن الكريم في مواضع متعددة من دور العقل ومدركاته في حياة الانسان ومسيرته وتسخير الطبيعة له ، وكذلك دور الشريعة في تكامل الانسان ووصوله إلى أهدافه . ولكن هذا التصور نلاحظ عليه - ما ذكرنا - من أن الشريعة قد افترض نزولها في هذا المقطع الشريف بعد هذا الحوار : ( . . . فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . كما أن الظاهر أن الإرادة والاختيار يمثلان ميزة أخرى لادم والانسان بشكل عام على الملائكة ، وأن هذه الخصوصية هي التي أثارت مخاوف الملائكة وسؤالهم ، كما نبهنا عليه وأشار إليه الشيخ محمد عبدة . وبذلك يكون استحقاق آدم للخلافة وجود هاتين الخصوصيتين فيه . وأما العلامة الطباطبائي فهو افترض أن هذا الاستحقاق انما كان باعتبار العلم بالأسماء ، ولكنه فسر الأسماء بأنها موجودات عاقلة لها مراتب من الوجود ، حيث يمكن من خلال العلم بها أن يسير الانسان في طريق التكامل . ولكن هذا التفسير فيه شئ من الغموض ولعله يعتمد على بعض المذاهب