وتمثل المرحلة الثالثة : جانب استقلال الجماعة والحكم وما يستتبعه من مضاعفات وخلافات ، ذلك لان الدعوة في مرحلتها الأولى تعمل من أجل تحقيق أهداف عامة وترفع شعارات معينة ، وفي هذه الاهداف والشعارات قد تلتقي آمال الشعب كله وتتجمع تدريجا ، وأما حين يأتي دور تحديد هذه الاهداف في صيغ معينة وطريقة خاصة ، وتطبيق هذه الشعارات في نهج وأسلوب خاص وتجسيدها عمليا فقد نجد بعض الأعضاء في المجموعة لا يلتقي مع هذا التحديد والتطبيق في مصالحه الخاصة أو أفكاره وعقليته الاجتماعية ، بل قد تتعارض المصالح الخاصة أو المنافع التي يحصل عليها الانسان في مسيرة عمله أو المواقع التي ينتهي إليها مع هذه الاهداف والشعارات ، حيث إن الاهداف والشعارات الإلهية الرسالية تنطلق من المبادئ ومتبنيات الفطرة الانسانية التي أودعها الله تعالى في الانسان وهي في البداية لا تبدو أنها متناقضة مع رغبات الانسان وميوله ، بل هي محبوبة وحسنة في نظر الانسان خصوصا المظلومين من الناس . وأما في دور التطبيق والتجسيد حيث تتحول هذه المبادئ إلى واقع خارجي وحدود وقيود لهذه الحركة أو ذلك الموقف أو لتلك المصلحة ، فعندئذ تتناقض مع الهوى والشهوات والطموحات الذاتية للانسان . ولذلك نجد في هذه المرحلة بوادر الخلاف تبدو في الشعب الإسرائيلي ، وتطفو على السطح اتجاهات شتى : فكرية ومصلحية ونفسية و . . . حتى إنها تتحول أحيانا إلى المروق عن الدين أو إلى التمرد على الجماعة والنظام . ففي جانب الفكر والعقيدة مثلا نجد تأثيرات المجتمع الوثني على الإسرائيليين تظهر بشكل واضح ، حيث يطلبون من موسى - عندما مروا على جماعة يعبدون الأوثان - أن يتخد لهم أصناما وآلهة كما لهؤلاء القوم آلهة ، مع أن الإسرائيليين بالأصل هم ذرية إبراهيم وإسحاق ويعقوب الذين حملوا رسالة التوحيد ورفضوا