يقربه لأذهان أولئك الجاهليين إلى أن يستخدم صورا متعددة أو يكرر صورة واحدة بأساليب مختلفة . وحينئذ يصبح استخدام لغة التخاطب نفسها ضرورة من أجل خلق القاعدة المستوعبة ولو نسبيا للرسالة ومفاهيمها ، لتكون منطلقا لنشرها في الأمم والأقوام الأخرى . ولعل تأكيد القرآن وصفه باللسان العربي إنما هو باعتبار الإشارة إلى أهمية لغة التخاطب في توضيح الحقائق والالتزام بالحجة والتأثير النفسي : ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم * ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ) [1] . ومن الظاهر أن المراد من الذين ظلموا في هذه الآية هم المشركون من أهل الحجاز ، لان القرآن الكريم يعبر عن الشرك بالظلم كما ورد في قوله تعالى : ( . . . يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) [2] . وكذلك ما يفهم من الإشارة إلى كتاب موسى والاتهام بالإفك . ويزداد ذلك وضوحا إذا لاحظنا أن وصف القرآن بالعربي جاء في القسم المكي من السور فقط ، الامر الذي يؤكد التفسير القائل بأن قضية التغيير كانت منظورة في ذلك ، لان مرحلة المكي هي مرحلة تأسيس القاعدة وانطلاق التغيير . وقد اقترن هذا الوصف بوصف آخر وهو وصف ( مبين ) : ( وانه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من