" بينا عبد الله بن عباس جالس بفناء الكعبة قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن ، فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر : قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به ، فقاما إليه ، فقالا : إنا نريد ان نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصادقة من كلام العرب ، فان الله تعالى انما انزل القرآن بلسان عربي مبين ، فقال ابن عباس : سلاني عما بدا لكما . فقال نافع : اخبرني عن قول الله تعالى : ( عن اليمين وعن الشمال عزين ) [1] قال العزون الحلق الرقاق . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول : فجاؤوا يهرعون إليه حتى يكونوا حول منبره عزينا [2] وعلى هذا الشكل يستمر نافع في السؤال ، ويستمر ابن عباس في الجواب حتى يصل العدد إلى نحو مائتي مسألة [3] . ويدخل في مفردات اللغة العربية بعض المصطلحات والأسماء التي كانت
[1] المعارج : 37 . [2] الاتقان 1 : 120 . [3] من المعقول ان يأخذنا الشك في صحة هذه الرواية بتفاصيلها المروية في الاتقان على أساس استبعاد وقوع مثل هذه المناقشة الطويلة في مجلس واحد ، واستحضار ابن عباس لكل هذه النصوص العربية - كما تحاول الرواية ادعاء ذلك - ولكن من المعقول أيضا أن يكون لهذه الرواية أصل يقتصر على بعض هذه المناقشة ، وأضيف إليها بعد ذلك الاجزاء الأخرى مما روى عن ابن عباس تكملة للفائدة أو لأغراض سياسية أشرنا إليها سابقا . خصوصا إذا لاحظنا أن المحدثين الذين أخرجوها في وقت سابق على السيوطي لم يخرجوها بهذا التفصيل ، كما يصرح السيوطي نفسه بذلك ، والذي نريد اثباته هنا بهذه الرواية هو أن نصوص اللغة العربية كانت مصدرا لتفسير القرآن ، وفي هذا يكفي ان نثبت أصل هذه الرواية .