في ليلة مباركة انا كنا منذرين ) [1] فان الانزال الذي تتحدث عنه هذه الآيات ليس هو التنزيل التدريجي الذي طال أكثر من عقدين ، وانما هو الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال . كما أن فكرة تعدد الانزال بالصورة التي شرحناها تفسر لنا أيضا المرحلتين اللتين أشار إليهما القرآن الكريم في قوله تعالى : ( . . . كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) [2] فان هذا القول يشير إلى مرحلتين في وجود القرآن ، اولاهما : إحكام الآيات ، والثانية : تفصيلها وهو ينسجم مع فكرة تعدد الانزال فيكون الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال هي مرحلة الاحكام ، والانزال على سبيل التفصيل تدريجا هي المرحلة الثانية اي مرحلة التفصيل . التدرج في التنزيل [3] : استمر التنزيل التدريجي للقرآن الكريم طيلة ثلاث وعشرين سنة ، وهي المدة التي قضاها النبي ( صلى الله عليه وآله ) في أمته منذ بعثته إلى وفاته ، فقد بعث ( صلى الله عليه وآله ) لأربعين سنة من ولادته ، ومكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ، ثم هاجر إلى المدينة وظل فيها عشر سنين ، والقرآن يتعاقب ويتواتر عليه حتى مات وهو في الثالثة والستين من عمره الشريف . وقد امتاز القرآن عن الكتب السماوية السابقة عليه بانزاله تدريجا بخلاف ما يشير إليه القرآن الكريم من انزال التوراة على شكل الواح دفعة واحدة أو في مدة زمنية محدودة .
[1] الدخان : 3 . [2] هود : 1 . [3] كتبه الشهيد الصدر .