وسنة المعصوم ( عليه السلام ) باعتبارهما المصدرين الأساسيين ، واليهما يرجع ( العقل ) و ( الاجماع ) أيضا . والاخر : اعتماد الفقيه في استنباط الحكم الشرعي - إذا لم يجد نصا يدل عليه في الكتاب والسنة - على ( الاجتهاد ) و ( الرأي ) بدلا من النص ، و ( الاجتهاد ) هنا يعني الرأي الشخصي للفقيه ، مثل القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وغيرها . وحينئذ يكون ( الاجتهاد ) دليلا من أدلة الفقه ومصدرا من مصادره ، إضافة إلى الكتاب والسنة . وقد نادت بهذا المعنى للاجتهاد مدارس كبيرة في الفقه السني ، وقامت منذ أواسط القرن الثاني مدرسة فقهية كبيرة كانت تحمل اسم مدرسة ( الرأي والاجتهاد ) ، حيث إنه لم يصح لدى أبي حنيفة صاحب هذه الدروس إلا عدد محدود من الأحاديث قيل : إنها دون العشرين . وقد انتقد الأئمة ( عليهم السلام ) هذه المدرسة واتجاهها انتقادا شديدا ، وقد يشكل هذا الانتقاد الشديد للأئمة ( عليهم السلام ) قرينة على أن المراد من ( التفسير بالرأي ) المنهي عنه هو ( الرأي ) في هذه المدرسة باعتبار أنها تشكل اتجاها خطيرا في الفكر الاسلامي ، لا من ناحية النتائج التي انتهت إليها فقهيا فقط ، وانما باعتبار الاتجاه والطريق الخاطئ الذي انتهجته في عملية الاستنباط والمعتمد بالأساس على القياس والاستحسان والمصالح المرسلة ، وما أشبه ذلك من قضايا مرجعها إلى الرأي ، والتي تنتهي في نهاية المطاف إلى انحراف خطير في فهم القرآن والسنة [1] .
[1] وهذه النتائج الخطرة هي التي انتهت بعد ذلك إلى سد باب الاجتهاد في تلك المدارس نفسها ، حيث لم يكن خط الانحراف واضحا في البداية ، ولكن عندما امتد الزمن بنشاط هذه المدرسة أصبح من الواضح مقدار ما تسببه هذه المدرسة من المشاكل والانحراف عن المنهج الاسلامي الأصيل في الفقه .