البشر ، كما في نسبة شرب الخمر والزنا إلى لوط ( عليه السلام ) ، وكذلك نسبة وقوع داود تحت تأثير الشهوة والعشق لامرأة أجنبية بحيث يفرط بأحد قادته الكبار في الحرب وهو زوج هذه المرأة من اجل التخلص منه والزواج بها ، إلى غير ذلك كما يتبين ذلك بوضوح عند المقارنة بين القرآن والكتب الدينية الأخرى [1] . وقد عرفنا في بحث اعجاز القرآن أن إحدى النقاط المهمة التي يظهر فيها اعجاز القرآن الكريم عرضه لقصص الأنبياء وحوادثهم ، بشكل يبعث اليقين في نفوسنا ان مصادر هذا العرض ليست هي الكتب الدينية ، ثم يأتي هذا العرض منسجما ومؤتلفا مع النظرة الواقعية الصحيحة للأنبياء والرسل ، الامر الذي يدلل على أن مصدره هو الوحي الإلهي . الشبهة الثالثة : إن أسلوب القرآن في تناول الأفكار والمفاهيم وعرضها لا ينسجم مع أساليب البلاغة العربية ولا يسير على الطريقة العلمية في المنهج والعرض ، وذلك لأنه يجعل الموضوعات المتعددة متشابكة بعضها مع بعض ، فبينما يتحدث القرآن في التأريخ ينتقل إلى موضوع آخر من الوعد والوعيد والحكم والامثال والاحكام وغير ذلك من الجهات ، فلا يجعل القارئ قادرا على الالمام بالأفكار القرآنية ، مع أن الموضوعات القرآنية لو كانت معروضة على شكل فصول وموضوعات مستقلة لكانت الفائدة المترتبة عليها أعظم والاستفادة منها أسهل ، وكان العرض منسجما مع الأسلوب العلمي المنهجي الصحيح . وتناقش هذه الشبهة على أساس النقطتين التاليتين : الأولى : أن القرآن الكريم ليس كتابا علميا ولا كتابا مدرسيا - كما عرفنا ذلك في بحث الهدف من نزول القرآن - فهو ليس كتاب فقه أو تأريخ أو أخلاق ، وانما هو
[1] يمكن مراجعة كتاب الهدى إلى دين المصطفى للبلاغي : ج 2 في هذه المقارنة .