والحاصل أنّه هل يجب على كلّ عالم تقبّل هذه الرّوايات مع انها أخبار آحاد أولاً ، ومضطربة المتن ثانياً ، وبعيدة كلّ البعد عن فصاحة القرآن وتعاليمه ثالثاً ، وكون تلك الآيات نسخت بعد وفاة النبىّ رابعاً ؟
وأىّ معنى ل " نسخ التلاوة " بعد كلّ هذه الأمور ؟ ومع كلّ هذا انظر كيف يسوغ للدكتور القفاري أن يجعل من ردّ نظرية " نسخ التلاوة " من أهل السنّة وغيرهم محتجاً بهذه الإشكالات مكذّباً لربّ العالمين ، فيقول :
" من يزعم أنّ نسخ التلاوة من الباطل يكذّب ربّ العالمين وقد وقع [ هذا النسخ ] في كتاب الله فانظر ما أعظم جرمه ؟ ! " [1] .
والطريف أنّ الدكتور القفاري نفسه أورد نصَّ عبارة أبي جعفر النحّاس قائلاً : " إنّ النسخ ارتفع بموت النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم " ثم قال : إنّ من زعم أنّ النسخ يمكن وقوعه بعد النبىّ فهو من أصناف الغلاة [2] .
والحاصل أنّ علماء السنة لم يتخذوا موقفاً واحداً من تلك الرّوايات ، بل اختلفت آراؤهم في ردّ وقبول وتأويل وتوجيه هذه الرّوايات ، وسبب هذا الاختلاف هو التباين في محور التفكر وهل هو القرآن أو الحديث ؟ فالذاهبون إلى أنّ القرآن هو المحور الأساس ، رأوا أنّ الرّوايات وإن بلغت ما بلغت من أعلى درجات الصحّة ، إذا كانت مخالفة للقرآن ، ولم يوجد محمل تحمل عليه ، فإنّها تضرب عرض الجدار ، ذلك لأنّ ساحة القرآن المقدسة أعلى وأعظم من هذا النوع من الرّوايات المزعومة ، وكان أصل هذا التفكير معرفة عمق الرسالة والقرآن الكريم ، وهذا يعني أنّه وقف على أنّ حجية الرّوايات حدوثاً وبقاءً منوطة بالقرآن الكريم ; لأنّ القرآن نفسه عهد إلى السنة أمر تبيينه وتوضيحه والرّوايات حاكية