معهم في الخط السياسي العام ، تحاول إرجاع أمر ضياع جانب من النص القرآني إلى زمن متقدم على زمان عثمان ، كرواية أكل الداجن للصحيفة ، التي فيها قرآن ، وهم متشاغلون بوفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وكرواية ذهاب قرآن كثير ، حينما قتل عدد من القراء في الحرب مع مسيلمة ، في زمان أبي بكر . .
ويبدو أنه قد كان لمعاوية دور في إثارة بعض هذه الشائعات المغرضة ، في هذا المجال ؛ فقد روى الطبرسي لنا موقفاً عنيفاً للإمام الحسن المجتبى عليه الصلاة السلام ، مع معاوية ؛ يوجه فيه إليه اتهاماً صريحاً في ذلك ، حينما يقول له :
( ( . . وتزعم . أن عمر أرسل إلى أبي : أني أريد أن أكتب القرآن في مصحف . . ) ) ( ثم تذكر الرواية رفض علي عليه السلام تسليم مصحفه ، وإستياء عمر من ذلك ، ثم أمره بجمع القرآن ، وكتابته حين يشهد به شاهدان ) .
ثم يقول الإمام الحسن عليه السلام في آخر كلامه : ( ( . . ثم قالوا : قد ضاع منه قرآن كثير ، بل كذبوا والله ، بل هو مجموع محفوظ عند أهله إلخ . . ) ) [1] .
فنجده عليه السلام ينسب حديث طلب عمر من علي مصحفه ، ثم أمره بكتابة القرآن بشاهدين - ينسبه - إلى معاوية ، بعنوان أنه من مزاعمه . .
الأمر الذي يشير إلى عدم واقعية هذا الأمر ، وأنه من الشائعات التي أثارها معاوية لتحقيق مآرب معينة . . ويتضح ذلك إذا علمنا : أن القرآن قد كتب في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بأمر منه صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه قد كان ثمة مصاحف كثيرة في أيدي الصحابة ، في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . .