( أناس أصدوا الناس بالسيف عنهم * صدود السوافي في أنوف الحوائم ) في سورة إبراهيم عند قوله تعالى ( يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ) قرأ الحسن ويصدون بضم الياء وكسر الصاد ، يقال صده عن كذا وأصده ، والصدد : القرب . يقال داري صدد داره : أي مقابلتها نصب على الظرفية . يقول : صرفوا الناس بالسيف عن أنفسهم : يعنى أنهم هزموهم كما تطرد السواقي بالفاء : وهى الرياح التي تسفى التراب : أي كما تصد الرياح عن أنوف الجبال . وقيل صدود الولائد السوافي للإبل عن أنوف العطاش بالنار وهى منها ، والسوافي : الذين يسقون الماشية . أو السواقي واحدة الساقية وهى فوق الجدول ودون النهر غرائب الإبل عن إبلهم ، وكما تصد السقاة عن الحوض غيرها . والحوائم : الإبل الغرائب ، وقيل العطاش . وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة القصص عند قوله تعالى ( ولا يصدنك عن آيات الله ) حيث قرئ يصدنك من أصده بمعنى صده وهى لغة كلب .
( تتمة ) قال في الصحاح في مادة صد بعد أن أنشد هذا البيت : وصداء اسم ركية عذبة الماء ، وفى المثل :
ماء ولا كصداء ، وقلت لأبى على النحوي هو فعلاء من المضاعف ؟ فقال : نعم ، وأنشدني لضرار بن عتبة العبشمي :
كأني من وجد بزينب هائم * يخالس من أحواض صداء مشربا يرى دون برد الماء هولا وذادة * إذا اشتد صاحوا قبل أن يتحببا ( وما الناس بالناس الذين عهدتهم * ولا الدار بالدار التي كنت تعلم ) في سورة إبراهيم عند قوله تعالى ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) اختلف في تبديل الأرض والسماوات ، فقيل : تبدل أوصافهما فتسير عن الأرض جبالها وتفجر بحارها وتسوى فلا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، وأنشد : وما الناس بالناس الخ ، وتبدل السماء بانتثار كواكبها وكسوف شمسها وخسوف قمرها وانشقاقها وكونها أبوابا : يعنى تغيرت البلاد والعباد والمكان عما عهدت ، فلا الناس كما عهدتم ولا الديار كما أبصرتها كما قال :
تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مغبر قبيح وفى التبديل قولان : هل يتعلق بالذات أو بالصفة ؟ وإلى الثاني مال ابن عباس ، وأنشد :
وما الناس بالناس الذين عهدتم * الخ ( الباب وانظري في النجوم * كم علينا من قطع ليل بهيم ) في سورة الحجر عند قوله تعالى ( فأسر بأهلك بقطع من الليل ) بظلمة . القطع قال في الصحاح : ظلمة آخر الليل ، ومنه قوله تعالى ( فأسر بأهلك بقطع من الليل ) وأنشد البيت كأن القائل طال عليه الليل فخاطب ظعينته بذلك وأنه يحب طوله للوصال ، فقال لها افتحي الباب وانظري في النجوم كم بقى علينا من آخر الليل ؟ .
( ذم المنازل بعد منزلة اللوى * والعيش بعد أولئك الأيام ) في سورة الإسراء عند قوله تعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) حيث كان أولاء يقع على جمع أو جماعة . وكان الجمع والجماعة يقع على الرجال والنساء والحيوان والمذكر والمؤنث والأجسام والأعراض ، لكنه في الاستعمال شائع في أولى العلم ، واللوى : موضع بعينه : يعنى أن المنزلة الطيبة والعيش الطيب ما مضى بمنزلة اللوى ، وما سوى ذلك مذموم في جنبه . واعتذر ابن عطية عن الإشارة به لغير العقلاء بأنها