الأعلام كلفت نفسي قطعها وشايعني همي على قطعها إذا سرابها لمع . قوله بذات لوث ، اللوث من الأضداد :
وههنا بمعنى القوة : أي بناقة قوية أي تواتي همي على قطع هذه البلدة المجهولة التي لا أعلام لها بناقة ذات قوة غليظة ( ما شئت من زهزهة والفتى * بمصقلاباذ لسقى الزروع ) في سورة ق عند قوله تعالى ( لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) أي قلب واع ، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له . وإلقاء السمع : الإصغاء . وهو شهيد : أي حاضر بفطنته ، لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب .
والزهزهة من قول فارسي ، يقال له عند الاستحسان زهازه . قال الزمخشري : وقد لمح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه ولا يحضر ذهنه بذلك البيت : يعني أن قول التلميذ في حال تعليمه إياه زه زه كثير ولكن قلبه غائب عنه وذاهب إلى مصقلاباذ يسقي زرعه ، وقبله :
يجئ في فضله وقت له * مجئ من شاب الهوى بالنزوع ثم يرى جبلة مشبوبة * قد شددت أحماله للنسوع ما شئت الخ ، ومصقلاباذ : محلة بجرجان ، ذكر في الآية ما يفيد أن الأول أعني لمن كان له قلب تمثيل ، وأن قوله وهو شهيد إما من الشهود بمعنى الحضور والمراد التفطن ، لأن غير المتفطن منزل منزلة الغائب فجاز أن يكون استعارة وجاز أن يكون مجازا مرسلا والأول أولى ، وإما من الشهادة وصفا للمؤمن لأنه شهد على صحة المنزل وكونه وحيا من الله تعالى فيبعثه على حسن الإصغاء ، أو وصفا من قوله ( لتكونوا شهداء على الناس ) كأنه قيل : هو من جملة الشهداء : أي من المؤمنين من هذه الأمة . فهو كناية على الوجهين . وجاز أن يقال على الأول من هذين الوصف مقصود .
( قد حصت البيضة رأسي فما * أطعم نوما غير تهجاع أسعى على حبل بني مالك * كل امرئ في شأنه ساعي ) هو لأبي القيس بن الأسلت . في سورة والذاريات عند قوله تعالى ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) حص شعره : إذا حلقه . والبيضة : المغفر . والهجوع : الفرار من النوم . والمراد انحسار الشعر عن الرأس باعتبار لبس المغفر وإدمانه إياه ( أمن المنون وريبه تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع ) في سورة الطور عند قوله تعالى ( نتربص به ريب المنون ) وريب المنون : ما يقلق النفس ويشخص بها من حوادث الدهر * والدهر ليس بمعتب من يجزع * أي لا يعتب الجازع ولا يزيل عتبه كما قيل :
عن الدهر فاصفح إنه غير معتب * وفي غير من قد وارت الأرض فاعتب ومن ذلك قول القائل :
ولو أن غير الموت شيئا أصابهم * عتبت ولكن ما على الموت معتب والبيت لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة طويلة يرثى بها بنيه . قيل وهي أجود مرثية قالتها العرب ، وأولها :
قالت أمامة ما لجسمك شاحبا * منذ ابتذلت وقل مالك ينفع أم ما لجنبك لا يلاطم مضجعا * إلا أقض عليك ذاك المضجع فأجبتها ارثي لجسمي إنه * أودى بني من البلاد فودعوا