في سورة النحل عند قوله تعالى ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ) ويجوز أن يكون تتخذون صفة موصوف محذوف كقوله * بكفى كان من أرمى البشر * تقديره : ومن ثمرات النخيل والأعناب ثمر تتخذون منه سكران ورزقا حسنا ، كبد القوس ومقبضها ، وقوس كبداء : أي غليظة الكبد بحيث يملأ مقبضها الكف جادت ، الضمير المؤنث المستتر يرجع إلى كبداء وجادت من الجودة : أي صارت جيدة : وقوله بكفى كان من أرمى البشر أي بكفى رجل وفيه تجريد إذ أراد به نفسه ، وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة والصافات عند قوله تعالى ( وما منا إلا له مقام معلوم ) حيث حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه : أي ما منا أحد ، ومن غيره :
كأنك من جمال بنى أقيش * يقعقع بين رجليه بشن تقديره كأنك جمل ، ومنه : * والله ما ليلى بنام صاحبه * أي بليل نام صاحبه .
( ينازعني ردائي عبد عمرو * رويدك يا أخا عمرو بن بكر لي الشطر الذي ملكت يميني * ودونك فاعتجر منه بشطر ) في سورة النحل عند قوله تعالى ( فأذاقها الله لباس الجوع ) حيث نظر إلى المستعار في لفظ الاعتجار ، ولو نظر إليه فيما نحن فيه لقيل : فكساهم لباس الجوع والخوف وأراد به قائم سيفه ، وأما في قول كثير :
* غلقت لضحكته رقاب المال * فإنه نظر فيه إلى المستعار له حيث استعار الرداء للمعروف لأنه يصون عرض صاحبه صون الرداء لما يلقى عليه . وصفه بالغمر الذي هو وصف المعروف والنوال ، لا صفة الرداء نظرا إلى المستعار له ، ومن المقرر في محله أن اللفظ إن قرن بما يلائم المستعار له فمجردة كما في بيت كثير :
* غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا * وسيأتى ، أو بما يلائم المستعار منه فمرشحة كما في البيت المذكور . قال الجوهري : رويدك الكاف للخطاب لا موضع له من الإعراب : وتفسير رويدا مهلا ، وتفسير رويدك أمهل :
قوله ودونك معناه خذ ومفعوله محذوف : أي دونك المتنازع واعتجر منه بشطره الآخر . والاعتجار : الاعتمام .
والمراد بالشطر الذي ملكته يمينه قائم بالسيف ، وبالشطر الآخر صدره . والمعنى : ينازعني هذا الرجل سيفي الذي أصون به نفسي وعرضى ، فقلت له : أمهل في هذه المنازعة لأنى أقاسمك في هذا الطرف الذي في يميني وهو قائم السيف ، فخذه فاعتجر بطرفه الآخر وهو صدره ، واستر به رأسك واقطع المعارضة ، وهذا يشبه قول الحماسي : لهم صدر سيفي يوم بطحاء سحبل * ولى منه ما ضمت عليه الأنامل وقوله أيضا :
نقاسمهم أسيافنا شر قسمة * ففينا غواشيها وفيهم صدورها ( إني لها مطية لا تذعر * إذا الركاب نفرت لا تنفر ما حملت وأرضعتني أكثر * الله ربى ذو الجلال الأكبر ) في سورة الإسراء عند قوله تعالى ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) " شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء خلق أمه ، فقال : لم تكن سيئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر ، قال : إنها سيئة الخلق ، قال : لم تكن كذلك حين أرضعتك حولين ؟ قال : إنها سيئة الخلق ، قال : لم تكن كذلك حين أسهرت لك ليلها وأظمأت لك نهارها ؟