قوله فما عجول : أي ناقة عجل عليها وطردت عن رأس ولدها ، ويراد بالعجول ناقة فقدت ولدها بنحر أو موت ، ويقال لأمثالها من النوق المعاجيل أيضا ، ووجدهن يزيد على كل وجد . والبو : ولد الناقة ، وأصله جلد فصيل يحشى تبنا لتدر الأم عليه . لها : أي لهذه الناقة حنينان لفراق ولد صغير وكبير . لا تسأم الدهر : أي لا تمل من الحنين إليه . والدهر إقبال وإدبار : أي إقبال النهار وإدبار الليل وبعكسه ، وقيل : فإنما هي ذات إقبال وإدبار ، أو يكون فإنما هي مقبلة ومدبرة ، أو جعلها الإقبال والإدبار اتساعا كما قال تعالى ( الحج أشهر معلومات ) وقال ( ولكن البر من آمن بالله ) فجعلهم برا وجعل الأشهر حجا لوقوعه فيها ، وقالوا : ولكن ذا البر ، وقالوا : ولكن البر بر من آمن .
( ليس الفتى بفتى لا يستضاء به * ولا يكون له في الأرض آثار ) في سورة هود عند قوله تعالى ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ) أي أمركم بالعمارة ، والعمارة متنوعة إلى واجب وندب ومباح ومكروه : فالواجب كسد الثغور والقناطر المبنية على الأنهر والمملكة والمسجد الجامع في المصر ، والمندوب كالمساجد والقناطر والمدارس والربط ، والمباح كالبيوت التي يسكن فيها ، والحرام كأبنية الظلمة وغيرهم ، وكانت ملوك فارس قد أكثرت من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا الأعمار الطوال مع ما كان فيهم من عسف الرعايا ، فسأل نبي من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم فأوحى إليه : أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي . وعن معاوية بن أبي سفيان أنه أخذ في إحياء أرض في آخر أمره فقيل له ؟ فقال :
ما حملني عليه إلا قول القائل :
ليس الفتى بفتى لا يستضاء به * ولا يكون له في الأرض آثار ( رأيت رؤيا ثم عبرتها * وكنت للأحلام عبارا ) في سورة يوسف عند قوله تعالى ( إن كنتم للرؤيا تعبرون ) قال في الكشاف : عبرت الرؤيا بالتخفيف هو الذي اعتمده الأثبات ، ورأيتهم ينكرون عبرت بالتشديد والتعبير والمعبر . قال : وقد عثرت على بيت أنشده المبرد في كتاب الكامل رأيت رؤيا الخ ، وعبرت الرؤيا : ذكرت عاقبتها وآخر أمرها ، كما تقول عبرت النهر : إذا قطعته حتى تبلغ آخر عرضه ، ونحوه أولت الرؤيا إذا ذكرت مآلها .
أين كسرى كسرى الملوك أبو * ساسان بل قبله سابور ( ثم بعد الفلاح والملك والإمة * وارتهم هناك القبور ) في سورة يوسف عند قوله تعالى ( وادكر بعد إمة ) على القراءة بكسر الهمزة ، قال عدى : ثم بعد الفلاح الخ : أي ما أنعم عليه بالنجاة فلاح الدهر بقاؤه . والأمة بكسر الهمزة : النعمة . يقول : أين عظماء الملوك الذين كانوا في النعمة والحبور ، سترتهم القبور ولا يدرى حالهم في التراب . ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى قوله :
ألا لا أرى ذا نعمة أصبحت به * فتتركه الأيام وهى كما هيا ( دعوت لما نابني مسورا * فلبا فلبى يدي مسور ) في سورة إبراهيم عند قوله تعالى ( فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفركم من ذنوبكم ) أي يدعوكم لأجل المغفرة كقوله دعوته لينصرني ودعوته ليأكل معي ، ومنه قول الطغرائي :