نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 50
ألا ترى أن أبا عبيدة في مجاز هذه الآية الكريمة أو في تأويلها - لم يكن أكثر من نحوي إمام في النحو ، يبين لنا كيف انتصب الشمس والقمر باسم الفاعل « وجاعل » . وأن اسم الفاعل لما أضيف إلى مفعوله الأول وهو كلمة الليل جرت بالإضافة ، على أن المعطوف على هذا المفعول الأول نصب لأن محله النصب . أما الشريف الرضى فقد خرج في هذه الآية من زمرة النحو والنحاة لأنه أديب شاعر بليغ يلتمس مواطن البلاغة والإعجاز في الكلام ، فيبين لنا الفرق الدقيق بين فلق الصباح وشقه ، ولم قال اللَّه : * ( فالِقُ الإِصْباحِ ) * ولم يقل شاق الإصباح ؟ وما وجه الاستعارة في قوله تعالى : وجاعل اللَّيل سكنا ؟ وكيف ينتفى المجاز عن هذا التعبير إذا فسرنا السكن بمعناه الحقيقي وهو السكون بعد الحركة ؟ وقد يقول قائل : إن الموازنة بين الشريف الرضى وأبى عبيدة في مجازيهما للقرآن الكريم جائزة السبيل لأن سبيلهما في المجاز غير واحدة ، فأبو عبيدة مفسر ( وجائز ) إلى معاني القرآن من أخصر طريق ، والشريف الرضى موضح لوجوه البلاغة والبيان في القرآن . وفى هذا الكلام كثير من الحق الذي لا تنعقد معه موازنة بين اثنين مختلفي السبيل . ولكن ما ظن القارئ فيما عقده ابن قتيبة من مجاز بياني واستعارة في كتابه « تأويل مشكل القرآن » وما تناوله الشريف الرضى من مجازات القرآن في كتابه « تلخيص البيان » الذي نقدمه اليوم ؟ إن ابن قتيبة لم يفهم « المجاز » على أنه التأويل والتفسير والجواز إلى المعنى كما فهمه أبو عبيدة من قبل ، ولكنه فهمه على أنه المجاز المقابل للحقيقة أو الذي تقوم العلاقة فيه على التشبيه ، وهو ما سماه ابن قتيبة نفسه بالاستعارة ، وعقد له بابا مستقلا في كتابه « تأويل مشكل القرآن » .
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 50