نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 293
خطاب الله للسموات والأرض
لماذا قال تعالى : أتينا طائعين . ولم يقل طائعات
< صفحة فارغة > [ سورة فصلت ( 41 ) : آية 11 ] < / صفحة فارغة > ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها ولِلأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ( 11 ) وقوله تعالى : * ( ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وهِيَ دُخانٌ ، فَقالَ لَها ولِلأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) * [ 11 ] . وهذه استعارة . فليس هناك - على الحقيقة - قول ولا جواب ، وإنما ذلك عبارة عن سرعة تكوين السماوات والأرض . كما قال تعالى : * ( إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه أَنْ نَقُولَ لَه كُنْ فَيَكُونُ ) * « 1 » ولو لم يكن المراد ما ذكرنا لكان في هذا الكلام أمر للمعدوم ، وخطاب لغير الموجود . وذلك يستحيل من من فعل الحكيم سبحانه . ومعنى قوله تعالى : * ( قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) * أنهما جرتا على المراد ، ووقفتا عند الحدود والأقدار ، من غير معاناة طويلة ، ولا مشقة شديدة . فكانت في ذلك جارية مجرى الطائع المميّز إذا انقاد إلى ما أمر به ، ووقف عند ما وقف عنده . وقال بعضهم : معنى قوله سبحانه : * ( ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ) * أي : كونا على ما أريد منكما من لين وشدة ، وسهل وحزونة ، وصعب وذلول ، ومبرم وسحيل « 2 » . والكره والشدة بمعنى واحد في اللغة العربية . يقول القائل منهم لغيره : أنا أكره فراقك . أي يصعب علىّ أن أفارقك . وقال سبحانه : * ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وهُوَ كُرْه لَكُمْ ) * « 3 » أي شديد عليكم . ومعنى الطوع هاهنا : التشهد « 4 » والانقياد من غير إبطاء ولا اعتياص . وإنما قال سبحانه : * ( قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) * لأنه جعل السماوات والأرض كلَّها كالواحدة والأرض جميعا كذلك ، فحسن أن يعبر عنهما بعبارة الاثنين دون عبارة الجميع .
( 1 ) سورة النحل الآية رقم 40 . ( 2 ) المبرم : الخيط أو الحبل الذي فتل فتلتين ، والسحيل : الحبل الذي فتل فتلا واحدا . ( 3 ) سورة البقرة . الآية رقم 216 . ( 4 ) هكذا بالأصل . ولعلها التسهل .
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 293