القيمة العلمية والأدبية لهذا الكتاب أشار الشريف الرضى في مقدمة كتابه « المجازات النبوية » إلى كتابه هذا : « تلخيص البيان في مجازات القرآن » إشارة تحمل رأى المصنف في تصنيفه قال فيها : ( فإني عرفت ما شافهتني به من استحسانك الخبيئة التي أطلعتها ، والدفينة التي أثرتها ، من كتابي الموسوم بتلخيص البيان عن مجازات القرآن ، وأنى سلكت من ذلك محجة لم تسلك ، وطرقت بابا لم يطرق ، وما رغبت إلىّ فيه من سلوك مثل تلك الطريقة في عمل كتاب يشتمل على مجازات الآثار الواردة عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله . . . « 1 » ) .
وظاهر هذه العبارة أن هذا ليس رأى الشريف الرضى في كتابه « تلخيص البيان » ، ولكنه رأى الذي يخاطبه في مقدمة المجازات النبوية . . . ! وأيّاما كان الأمر فإن الحق أن الشريف الرضى سلك في « تلخيص البيان عن مجازات القرآن » محجة لم تسلك ، وطرق بابا لم يطرق .
فإن كتابا قائما بذاته مستقلا بنفسه لم يظهر في مجازات القرآن كما ظهر كتاب الشريف الرضى في أخريات القرن الرابع الهجري . وقد ذكرنا قبلا أن « مجازات القرآن » لأبى عبيدة المتوفى سنة 209 ه ، لا يدخل في باب المجاز بمعناه البياني ومدلوله البلاغي المقابل للحقيقة عند علماء البيان ، ولكنه يستعمل المجاز بمعنى التفسير والتأويل لمعاني القرآن ، سواء أكانت واردة على سبيل الحقيقة أم على سبيل المجاز البياني .
أما إشارات الجاحظ وتلميذه ابن قتيبة إلى المجازات والاستعارات القرآنية بالمعنى الاصطلاحي عند البيانيين فلم تكن إلا لمعا بيانية منثورة في « البيان والتبيين » ، « والحيوان » ، « وتأويل مشكل القرآن » ، ولم تأخذ ذلك المنهج القائم الكامل الذي سلكه الشريف الرضى في « تلخيص البيان في مجازات القرآن » .

( 1 ) المجازات النبوية . طبع مصر . ص 19