« تلخيص البيان في مجازات القرآن » ظل هذا الكتاب الثمين سرا مطويا في ضمير الغيب إلى أن وقع السيد محمد المشكاة على نسخة خطية لكتاب يبحث في آيات القرآن الكريم بعنوان الاستعارة . وقد محا الزمان عنوان المخطوط ، « 1 » كما عاثت أيدي البلى في بعض صفحات منه انتزعتها من المخطوط ، فظن السيد المشكاة - أول الأمر - أنه لمؤلف قديم من الشيعة ، ولكن لم يخطر على باله أن ذلك المؤلف الشيعي المعتدل الرأي ، الكثير النصفة ، العف اللسان هو الشريف الرضى . فلما مضى في قراءة المخطوط ، لاحظ أن المؤلف يحيل على كتاب له اسمه « حقائق التأويل » ، وهنا قطع الشك باليقين ، واستظهر عن ثقة أن هذا المخطوط الباحث عن الاستعارات في آي القرآن الكريم هو كتاب الشريف الرضى الذي ظل قرابة عشرة قرون مفقودا ، والذي يشار إليه في مراجع كثيرة بأنه من كتب الشريف الرضى التي خلفها تراثا غاليا فيما خلفه للفكر العربي من تراث قيم .
ولم تكن الإحالة على كتاب « حقائق التأويل » في هذه المخطوطة هي وحدها المفتاح الذي كشف عن حقيقة صاحبها وشخصية مؤلفها الشاعر العلوي الفحل ، فهناك بعض المواطن يشير فيها المؤلف إلى كتابه « مجازات الآثار النبوية » ، ولا شك أن المجازات النبوية هي للشريف الرضى وقد طبعت من زمن في بغداد مرة ، وطبعت في مصر طبعة محققة ومعلقا عليها بقلم المرحوم الأستاذ محمود مصطفى الذي اشتغل بتدريس الأدب العربي في كلية اللغة العربية بالجامعة الأزهرية . فلم يعد بعد ذلك مجال للشك في حقيقة صاحب الكتاب .

( 1 ) تفضل صديقي الدكتور أحمد فؤاد الأهواني الأستاذ بجامعة القاهرة فأهدى إلى - فيما حمله من ألطاف إيران بمناسبة اشتراكه في مهرجان ابن سينا - مخطوطة مصورة من كتاب « تلخيص البيان في مجازات القرآن » هي التي ننشرها اليوم نشرا علميا ، ونقدم لها بهذه المقدمة التحليلية التي تقوم بذاتها كتابا مستقلا جعلنا عنوانه « الشريف الرضى بين مجازات القرآن والحديث » فله أجزل الشكر بما أتاح لنا من نشر كتاب الشريف الرضى ، الكاشف عن وجوه البيان ، وأسرار البلاغة في كتاب اللَّه الكريم .