نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 73
من التباغي والتظالم ، والتكالم والتلاكم ، وأن ليس بعضهم من شر بعض بسالم ، على أن وراءهم يوما ينتصف فيه للمظلوم من الظالم ، فقال : ( مالك يوم الدين ) . وإذا عرف هذه الجملة فقد علم أن له خالقا رازقا رحيما ، يحيي ويميت ، ويبدئ ويعيد ، وهو الحي لا يشبهه شئ ، والإله الذي لا يستحق العبادة سواه . ولما صار الموصوف بهذا الوصف كالمدرك له بالعيان ، المشاهد بالبرهان ، تحول عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب ، فقال : ( إياك نعبد ) . وهذا كما أن الانسان يصف الملك بصفاته ، فإذا رآه ، عدل عن الوصف إلى الخطاب . ولما رأى اعتراض الأهواء والشبهات ، وتعاور الآراء المختلفات ، فقال : ( وإياك نستعين ) . ولما عرف هذه الجملة ، وتبين له أنه بلغ من معرفة الحق المدى ، واستقام على منهج الهدى ، ولم يأمن العثرة لارتفاع العصمة ، سأل الله تعالى التوفيق للدوام عليه والثبات ، والعصمة من الزلات ، فقال : ( اهدنا الصراط المستقيم ) . وهذا لفظ جامع يشتمل على مسألة معرفة الأحكام ، والتوفيق لإقامة شرائع الاسلام ، والاقتداء بمن أوجب الله طاعته من أئمة الأنام ، واجتناب المحارم والآثام . وإذا علم ذلك ، علم أن لله سبحانه عبادا خصهم بنعمته ، واصطفاهم على بريته ، وجعلهم حججا على خليقته ، فسأله أن يلحقه بهم ، ويسلك به سبيلهم ، وأن يعصمه عن مثل أحوال الزالين المزلين ، والضالين المضلين ، ممن عاند الحق ، وعمي عن طريق الرشد ، وخالف سبيل القصد ، فغضب الله عليه ولعنه ، وأعد له الخزي المقيم ، والعذاب الأليم ، أو شك في واضح الدليل ، فضل عن سواء السبيل ، فقال : ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) .
( 1 ) [ وأنت في الصلاة ] .
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 73