نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 377
وسياستها ، والقيام بأمورها ، وتأديب جناتها ، وتولية ولاتها ، وإقامة الحدود على مستحقيها ، ومحاربة من يكيدها ويعاديها . فعلى الوجه الأول لا يكون نبي من الأنبياء إلا وهو إمام . وعلى الوجه الثاني لا يجب في كل نبي أن يكون إماما ، إذ يجوز أن لا يكون مأمورا بتأديب الجناة ، ومحاربة العداة ، والدفاع عن حوزة الدين ، ومجاهدة الكافرين . فلما ابتلى الله سبحانه إبراهيم بالكلمات فأتمهن ، جعله إماما للأنام ، جزاء له على ذلك ، والدليل عليه أن قوله ( جاعلك ) عمل في قوله ( إماما ) ، واسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي ، لا يعمل عمل الفعل ، ولو قلت أنا ضارب زيدا أمس لم يجز . فوجب أن يكون المراد أنه جعله إماما ، إما في الحال ، أو في الاستقبال ، والنبوة كانت حاصلة له قبل ذلك . وقوله : ( قال ومن ذريتي ) أي : واجعل من ذريتي من يوشح بالإمامة ، ويوشح بهذه الكرامة . وقيل : إنما قال ذلك على جهة التعرف ، ليعلم هل يكون في عقبه أئمة يقتدى بهم . والأولى أن يكون ذلك على وجه السؤال من الله تعالى أن يجعلهم كذلك . وقوله : ( قال لا ينال عهدي الظالمين ) قال مجاهد : العهد الإمامة ، وهو المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهما السلام ، أي : لا يكون الظالم إماما للناس . فهذا يدل على أنه يجوز أن يعطي ذلك بعض ولده إذا لم يكن ظالما ، لأنه لو لم يرد أن يجعل أحدا منهم إماما للناس ، لوجب أن يقول في الجواب لا ، أو لا ينال عهدي ذريتك . وقال الحسن : معناه إن الظالمين ليس لهم عند الله عهد يعطيهم به خيرا ، وإن كانوا قد يعاهدون في الدنيا ، فيوفى لهم . وقد كان يجوز في العربية أن يقال : لا ينال عهدي الظالمون ، لأن ما نالك فقد نلته . وقد روي ذلك في قراءة ابن مسعود . واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوما عن القبائح ، لأن الله سبحانه نفى أن ينال عهده الذي هو الإمامة ظالم ، ومن ليس بمعصوم فقد يكون ظالما إما لنفسه ، وإما لغيره . فإن قيل : إنما نفى أن يناله ظالم في حال ظلمه ، فإذا تاب لا يسمى ظالما ، فيصح أن يناله ؟ فالجواب : إن الظالم ، وإن تاب ، فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما ، فإذا نفى أن يناله ، فقد حكم عليه بأنه لا ينالها . والآية
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 377