فقد لاحظت الخصوصيات الفردية في الإنسان . . فإنه هو الذي يُخْلَق ، ويكون نطفة ، وتمر بمراحل ، وهو الذي يصير له سمع وبصر ، وتمييز ، وغير ذلك .
ولأجل هذا الاختلاف ، كان لا بد من تكرار كلمة الإنسان في الآيتين ، فلم يقل « خلقناه » . .
سؤال . . وجوابه :
وقد يقال : لماذا لا نقول : إن الحديث القرآني جارٍ وفق مصطلحات العرفاء في معنى الإنسان . .
ويجاب : بأن ذلك لا يصح ، فقد قال تعالى : * ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عربياً . . ) * [1] ، وقال : * ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) * [2] ، أي أنه تعالى يتحدث بلغة البشر بما هم بشر ، فرضت حاجاتهم عليهم لغة يتخاطبون بها ، لا بمصطلحات وضعها أرباب هذا العلم أو ذاك . وإلا ، فإن ذلك السؤال يستتبع سؤالاً آخر هو : لماذا لا يتحدث الله تعالى بمصطلحات الفلاسفة ، أو المتكلمين ، أو الفقهاء ، أو أي علم آخر ؟ ! . .
على أن اللغة إنما يحتاجها الناس من حيث هم بشر . . وهي موضوعة في الأصل لمعانٍ حسية ، أو قريبة من الحسّ . . وهي المعاني التي نعرفها بآثارها ، كالكرم والشجاعة والعدالة ، والحسد . . والعقل . . والغضب والفرح وما إلى ذلك . . وهناك معانٍ أبعد من هذه ، وهي نتاج تفكير عميق ، ودقة ملاحظة ، فيحتاج للتعبير عنها إلى التوسل ببعض