هل : بمعنى قد . أو يقال : إنها استفهام ، جوابه الإثبات . . فإنه قبل أن يخلق لم يكن شيئاً أصلاً ، فضلاً عن أن يكون شيئاً مذكوراً .
هذا بالإضافة إلى أن ذلك لا يختص بهذا الإنسان ، بل جميع المخلوقات كذلك . فإن عدم ذكرها إنما هو لعدم وجودها .
إلا أن يقال : إن المراد التذكير بنعمة الخلق والذكر معاً .
ونقول في جوابه : إنه كلام لا محصل له ، إذ لا معنى لقولك ، إنك قبل أن تخلق لم تكن شيئاً مذكوراً . بل اللازم أن يقال : لم تكن شيئاً أصلاً . وهذا معناه أن تصير القضية سالبة بانتفاء موضوعها . . فهو من قبيل قولك : إن لم يكن لك ولد ذكر فلا تختنه ، أو فلا تلبسه قميصاً . وهي ليست سوى قضية لفظية صورية من دون أي معنى ، وليس لها فائدة ، لأن الحديث ليس عن وجود الإنسان التخيلي الافتراضي ، بل هو تعالى يريد أن يمتن على هذا الإنسان ، ويذكره بنعمه الجليلة ، وأياديه الجميلة . وهذا يناسب أن يسأله عن أنه هل مر عليه حين ، لم يكن الله سبحانه يمده بالنعم ، ويتعاهده بالرعاية . . فيكون الجواب : لا ، بل الإنسان دائماً محل العناية والرعاية الإلهية . .
هل البسيطة وهل المركبة :
وقد بدأت السورة بصيغة سؤال : * ( هَلْ أَتَى ) * . . والسؤال يثير في الإنسان ، الرغبة في المتابعة والمراقبة الدقيقة . فإذا كان السؤال موجهاً إليه مباشرة ، فإن ذلك سيزيده تحفزاً ، ويقظة ، وتنبهاً ، وسيجعله أمام مسؤولية لا بد من التصدي لها . ويتأكد الاهتمام بالسؤال إذا كان السائل هو الله ، الخالق ، العالم بالسر وما يخفى ، لأنه يعلم أنه ليس استفهاماً حقيقياً ، بل إما تقريري أو إنكاري ، فبأي شيء يطلب منه أن يقر أمام الله ؟ وأي