تشي بهذا صور النعيم الحسية المفصلة الطويلة ، وصور العذاب الغليظ ، كما يشي به توجيه الرسول [ صلى الله عليه وآله ] إلى الصبر لحكم ربه ، وعدم إطاعة آثم منهم أو كفور ، مما كان ينزل عند اشتداد الأذى على الدعوة وأصحابها في مكة ، مع إمهال المشركين ، وتثبيت الرسول [ صلى الله عليه وآله ] على الحق الذي نزل عليه ، وعدم الميل إلى ما يدهنون به . . كما جاء في سورة القلم ، وفي سورة المزمل ، وفي سورة المدثر ، مما هو قريب من التوجيه في هذه السورة .
واحتمال أن هذه السورة مدنية - في نظرنا - هو احتمال ضعيف جداً ، يمكن عدم اعتباره » [1] انتهى . .
ونقول :
أولاً : لقد فند السيد الطباطبائي [ رحمه الله ] هذه المزاعم . فقال ما ملخصه : إنَّ صور النعيم الحسية المفصلة الطويلة ، وصور العذاب الغليظ لا تختص بالسور المكية ، بل هي موجودة في السور المدنية أيضاً ، - مثل سورتي الرحمن ، والحج - بصورة أكثر مما ورد في سورة هل أتى .
ثانياً : وأما ما ذكره من أمر النبي [ صلى الله عليه وآله ] بالصبر ، وأن لا يطيع آثماً أو كفوراً ، وأن لا يداهنهم ، وأن يثبت على ما نزل عليه من الحق . فهو في نهايات هذه السورة . فلتكن نهاياتها مكية - لو صح أن هذا الأمر يوجب مكية الآيات - لأن النزول كان تدريجياً .
ولو سلم أن السورة قد نزلت دفعة واحدة ، فإننا نقول : إن الأمر بالصبر لا يختص بالسور المكية ، فإنه تعالى يقول في سورة الكهف في