القدرة الإلهية ، ومدى حاجة الإنسان إليها ، وما هو موقعه منها . ثم لا بدّ من استثمار هذه المعرفة في استمرار التنامي والتكامل ، إذ ليس المطلوب تلك الحالة العلمية المعرفية فحسب وإنما العلم الذي يستتبعه عمل * ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) * .
فعلى سبيل المثال : حينما نعلم أن الله منعم ، فالنعمة تستدعي قيمة معنوية ، هي حالة عرفان وشكر ، ثم نستثمر هذه القيمة في أنفسنا خضوعاً ، وفي موقفنا حزماً ، وفي حركتنا سلوكاً ، وفي روحنا محبة . فبدون هذه المقاييس ، لا نقدر أن نحوِّل معرفتنا بالله وبنعمه وبخالقيته وبقدرته إلى مشاعر ، ثم إلى مواقف صلبة للدفاع عن الحق ، وعمّا يرضي الله تعالى في موقع رضاه .
لكن هذه القيم ، التي هي من قبيل العرفان والشكر للنعمة ، والتي اعتبرناها هي المقاييس والمعايير ، تستدعي أن يكون ثمّة أخلاقية تجعل للقيم والمعايير دوراً . وهذه الأخلاقية تنشأ عن صفات روحيّة ونفسانية وإنسانية توجد في داخلنا ، بها قوام إنسانيتنا .