الأمانة إنما هو تصوير رمزي لعدم قدرة هذه الموجودات تكويناً أيضاً .
ونقول :
إن هذا التوجيه غير صحيح ، فإن قوله تعالى : * ( وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) * ، يدفعه وينافيه ، إذ إن هذا التفسير معناه : أننا نفقه تسبيحهم ؟ !
وكون السجود بمعنى الخضوع التكويني فقط ، ينافيه قوله تعالى : * ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) * [1] .
فقوله : * ( وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) * دليل على أن المراد بالسجود ليس هو الخضوع والانقياد التكويني . فإن الناس جميعهم يخضعون تكويناً له تعالى .
وآية الأمانة أيضاً لا يصح تفسيرها بما ذكر ، لأنه تعالى يقول : * ( وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ) * والإشفاق ، إنما هو انفعال نفساني خاص ، وليس خضوعاً تكوينياً .