وإنما قلنا : إنه غير دقيق ، لأن المعنى اللغوي على النحو الذي ذكرناه ليس ناظراً إلى تلبس الرحمة بهذا الشخص أو ذاك ، بل هو ناظر إلى كيفية قيام الصفة بموصوفها . وأن كلمة « الرَّحْمَنِ » لا تدل على كثرة الرحمة دلالة مطابقية . بل المدلول المطابقي الأول لكلمة « الرَّحْمَنِ » هو الامتلاء بالرحمة . فيلزم من ذلك كثرة صدور الرحمة عنه للمستحق لها . فالفيض والصدور من لوازم المعنى ، خارج عنه عارض له . وكلمة « الرَّحِيمِ » ، تدل على الثبات والدوام والرسوخ ، ف « الرَّحْمَنِ » ناظرة للكم ، و « الرَّحِيمِ » ناظرة للكيف . بالإضافة إلى المبالغة في ذلك مثل كلمة « عَلِيمِ » .
سبب اختيار هاتين الصفتين :
وهنا سؤال يقول :
لماذا اختار الله سبحانه هذين الوصفين في هذه الآية الكريمة - البسملة - التي يفترض أن يرددها الإنسان في مختلف شؤونه وحالاته ، وربما يرددها عشرات المرات في كل يوم ، ثم اعتبرت هذه الآية أعظم آية في القرآن الكريم ؟ ولمَ لم تذكر في البسملة صفات أخرى ، مثل : التواب ، الغفور ، الشافي ، الكريم ، الخالق ، الرازق ، العليم ، القوي ، الرؤوف ، الخ . . ؟ ! .
والجواب - باختصار شديد - : إن المطلوب للإنسان في سير حياته أن تشمله العناية الإلهية ، فيستفيد من خالقيته تعالى