ونقول :
إن الحقيقة قد تكون عكس ذلك ، أي قد تكون جريمة النصارى أعظم وأخطر من جريمة اليهود ، إذا عرفنا : أن النصارى أيضاً قد رأوا الحق وأعرضوا عنه ، وعاندوه . ثم قاموا بدور الإضلال للناس بصورة ذكية وخفية .
أما اليهود ، فإنهم قد ضلوا عن الحق ، وهم يعرفون . ثم ارتكبوا الجرائم والموبقات . فهم ضالون ومجرمون . فلا بد من الحذر مرة من ضلالهم الظاهر ، ومن إجرامهم المفضوح ، أما النصارى فلا بد من الحذر منهم ألف مرة ، لأنهم ينساقون وراء أهوائهم ، ويعملون على إضلال الناس بصورة ذكية وماكرة . وقد نجحوا في ذلك ، قال تعالى : * ( وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ) * وقال : * ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ) * [1] .
فهم إذن يعرفون الحق ، ولكنهم يتبعون أهواءهم ، ويضلون الناس أيضاً . وليست القضية مجرد ضلال ناشئ عن تقصير ، قد لا يكون له هذا المستوى من الخطورة والقبح .