في العقبات على طريق المحشر العقبات : عبارة عن الأعمال الواجبات والمسألة عنها والمواقفة عليها ، وليس المراد بها جبال في الأرض تقطع ، وإنّما هي الأعمال شبّهت بالعقبات ، وجعل الوصف لما يلحق الإنسان في تخلَّصه من التقصير في طاعة اللَّه تعالى ، كالعقبة التي يجهد صعودها وقطعها .
قال اللَّه تعالى : * ( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ ) * .
فسمّى سبحانه الأعمال التي كلفّها العبد عقبات ، تشبيها لها بالعقبات والجبال ، لما يلحق الإنسان في أدائها من المشاقّ كما يلحقه في صعود العقبات وقطعها .
قال أمير المؤمنين عليه السّلام : " إنّ أمامكم عقبة كؤودا ومنازل مهولة ، لا بدّ من الممرّ بها ، والوقوف عليها ، فإمّا برحمة من اللَّه نجوتم ، وإمّا بهلكة ليس بعدها انجبار " [1] .
أراد عليه السّلام بالعقبة تخلَّص الإنسان من التّبعات التي عليه ، وليس كما ظنّه الحشويّة من أنّ في الآخرة جبالا وعقبات يحتاج الإنسان إلى قطعها ماشيا وراكبا . وذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء ، ولا وجه لخلق عقبات تسمّى بالصلاة والزكاة والصيام والحجّ وغيرها من الفرائض ، يسأم [ يلزم ] الإنسان أن يصعدها ، فإن كان مقصّرا في طاعة اللَّه ، حال ذلك بينه وبين صعودها ، إذ كان الغرض في القيامة المواقفة على الأعمال والجزاء عليها بالثواب والعقاب ، وذلك غير مفتقر إلى تسمية عقبات وخلق جبال ، وتكليف قطع ذلك وتصعيبه [2] أو تسهيله ، مع أنّه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه وتخرج له الوجوه [3] ، وإذا لم يثبت بذلك