فأمّا قوله : إنّ الخطاب لا يتوجّه إلَّا إلى موجود ، ولا يصحّ توجّهه إلى المعدوم ، فالأمر كذلك ، ولم يخبر اللَّه تعالى بأنّه خاطب معدوما ، ولا كلَّم غير موجود ، وإنّما خبّر أنّ الأفعال غير متعذّرة عليه ، وأنّه مهما أراد إيجاده منها وجد كما أراد . والعرب تتوسّع بمثل ذلك في الكلام ، فيقول القائل منهم في الخبر عمّن يريد ذكره باتّساع القدرة ونفوذ الأمر وقوّة السلطان : فلان إذا أراد شيئا وقال له : كن ، فكان ، وهو لا يقصد بذلك الخبر عن كلامه المعدوم وإنّما يخبر عن قدرته وتيسّر الأمر له حسبما بيّنّاه [1] .
قال اللَّه تعالى : * ( وأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) * ، يريد به الإلهام الخفي ، إذ كان خاصّا بمن أفرده به دون من سواه ، فكان علمه حاصلا للنحل بغير كلام جهر به المتكلَّم فأسمعه غيره [2] .
[ انظر : سورة القصص ، آية 7 ، حول مفهوم الوحي ، من تصحيح الاعتقاد : 99 . ] [ في معنى المولى ] ( المعنى ) الثاني ( من كلمة " المولى " ) مالك الرقّ ، قال اللَّه تعالى : * ( ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً . . . ) * * ( لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاه ) * يريد مالكه ، والأمر في هذا المعنى بيّن حتى أنّا لا نحتاج فيه إلى الاستشهاد [3] .