قد طعن عليه وهو منهم بالغلو [1] .
فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه ، فهو ضالّ بضلاله عن الحقّ ، وإن كذبوه فقد تحملوا أوزار ذلك .
والصحيح في حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقات : بأنّ آدم عليه السّلام رأى على العرش أشباحا يلمع نورها ، فسأل اللَّه عنها فأوحى اللَّه إليه ، أنّها أشباح رسول اللَّه وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام ، وأعلمه أنّ لولا الأشباح التي يراها ما خلقه ولا خلق سماء ولا أرضا [2] .
والوجه فيما أظهره اللَّه تعالى من الأشباح والصور لآدم عليه السّلام ، أن لدّله على تعظيمهم وتبجيلهم ، وجعل ذلك إجلالا لهم ومقدّمة لما يفترضه من طاعتهم ، ودليلا على أنّ مصالح الدين والدنيا لا تتمّ إلَّا بهم .
ولم يكونوا في تلك الحال صورا محياة ولا أرواحا ناطقة ، لكنّها كانت صورا على مثل صورهم في البشرية تدلّ على ما يكونون عليه في المستقبل من الهيئة والنور الذي جعله عليهم دليلا على نور الدين بهم ، وضياء الحقّ بحججهم .
وقد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة ، إذ ذاك على العرش ، وأنّ آدم عليه السّلام لمّا تاب إلى اللَّه وناجاه بقبول توبته سأله بحقّهم عليه ، ومحلَّهم عنده ، فأجابه وهذا غير منكر في العقول ، ولا مضادّ للشرع المنقول وقد رواه الثقات المأمونون ، وسلَّم لروايته طائفة الحقّ ، فلا طريق إلى إنكاره . واللَّه وليّ التوفيق .
ومثل ما بشّر اللَّه به آدم من تأهيله نبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله لمّا أهّله له ، وتأهيل أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السّلام ، لما أهّلهم له ، وفرض عليه تعظيمهم وإجلالهم ، كما بشّر به في الكتب الأولى من بعثه لنبيّنا صلَّى اللَّه عليه وآله ، فقال في محكم كتابه :
* ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَه مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ ويُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ويَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِه وعَزَّرُوه ونَصَرُوه واتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَه أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) * .