وكلهم إلى أنفسهم ليزيد يقينهم بأنّهم معصومون بعصمة اللَّه فخطر ببالهم أنّ ما وعدوا من عذاب الأمم لعلَّه يكون من الشياطين ، فصرف اللَّه عنهم ذلك ، وعصمهم وثبّتهم على اليقين بأن ما أوحى إليهم ليس للشيطان فيه سبيل « 1 » .
أقول : ولعل الأولى ردّ علمه إليهم عليهم السّلام فإنّ المعلوم ممّا دلّ على عصمتهم من الكتاب والسنّة بل ضرورة المذهب أنّه ليس للشيطان سبيل عليهم أصلا حتى في مثل تلك الخطرة .
وبالجملة فجميع ضروب الوحي مشتركة في حصول العلم الضروريّ معه بكونه حقا منه سبحانه على ما مّرت إليه الإشارة وإن كانت مختلفة في كيفية نزوله .
قال في « المناقب » وأمّا كيفية نزول الوحي فقد سأله الحارث بن هشام كيف يأتيك الوحي ؟ فقال عليه السّلام : أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشدّه علىّ فيفصم عنّي وقد وعيت ما قال ، وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلَّمني فأعي ما يقول .
وروي أنّه كان إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويّ كدويّ النحل .
وروي أنّه كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإنّ جبينه لينفصد عرقا .
وروي أنّه كان إذا نزل عليه كرب لذلك ويربدّ وجهه ونكس رأسه ونكس أصحابه رؤسهم منه ، ومنه يقال : برحاء الوحي أي شدّة الكرب من ثقله « 2 » .