أنّ غير العلم لا يعلم إلَّا به فلو علم بغيره لدار « 1 » وهو مدفوع باختلاف الحيثيّة فإنّ غير العلم متوقّف عليه من جهة كونه إدراكا له وهو متوقّف على غيره من جهة كونه صفة مميّزة له عمّا سواه .
وأمّا ما يقال من أنّ المطلوب من حدّ العلم هو العلم بالعلم وما عدى العلم ينكشف بالعلم لا بالعلم بالعلم فغير حاسم لمادّة الإشكال فإنّ العلم بالعلم من جزئيّات العلم أو من متعلَّقاته والمطلوب من الحدّ معرفة ماهيّة العلم .
ثمّ المعرّفون قد اختلفوا في تعريفه فقد يقال : إنّه معرفة الشيء على ما هو عليه مع طمأنينة النّفس ، أو أنّه صفة يحصل بها لنفس المتّصف بها التمييز بين حقايق المعاني الكلَّية حصولا لا يتطرّق إليه احتمال ، أو إنّه صورة مطابقة للمعلوم حاصلة في قوى النّفس ، أو أنّه الإعتقاد المقتضى لسكون النّفس « 2 » أو أنّه استبانة الحق ، أو أنّه حضور إشراقيّ للمعلوم عند النفس المدركة ، أو أنّه حصول صورة المعلوم في الذهن .