قوله : وهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ [ 204 ] أي شديد الخصومة بالباطل . وقد روت عائشة رضي اللَّه عنها عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال : « أبغض الرجال إلى اللَّه تعالى الألدّ الخصم » « 1 » . قوله : وزُلْزِلُوا [ 214 ] أي أرادوا به وخوفوا به وحذروا مكر اللَّه عزّ وجلّ . وسئل عن قوله : حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَه مَتى نَصْرُ اللَّه أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّه قَرِيبٌ [ 214 ] أكان قولهم استبطاء للنصر ؟ قال سهل : لا ، ولكن لما أيسوا من تدبيرهم قالوا : مَتى نَصْرُ اللَّه [ 214 ] فلما علم اللَّه تعالى من تبريهم من حولهم وقوتهم وتدبيرهم لأنفسهم وإظهارهم الافتقار إليه ، وأن لا حيلة لهم دونه أجابهم بقوله : أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّه قَرِيبٌ [ 214 ] قال سهل : البلاء والعافية من اللَّه عزّ وجلّ ، والأمر والنهي منه ، والعصمة والتوفيق منه ، والثواب والعقاب منه ، والأعمال منسوبة إلى بني آدم ، فمن عمل خيرا وجب عليه الشكر ليستوجب به المزيد ، ومن عمل شرا وجب عليه الاستغفار ليستوجب به الغفران . والبلوى من اللَّه على وجهين « 2 » : بلوى رحمة ، وبلوى عقوبة ، فبلوى الرحمة : يبعث صاحبه على إظهار فقره [ وفاقته ] « 3 » إلى اللَّه عزّ وجلّ وترك التدبير ، وبلوى العقوبة : يبعث « 4 » صاحبه على اختيار منه وتدبيره . فسئل سهل : الصبر على العافية أشد أم على البلاء ؟ فقال : طلب السلامة في الأمن أشد من طلب السلامة في الخوف . وقال في قوله : ومَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّه يَهْدِ قَلْبَه [ التغابن : 11 ] قال : يؤمن باللَّه أن بلواه من اللَّه يهد قلبه لانتظار الفرج منه . قوله : وتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتَّقْوى [ المائدة : 2 ] أي على أداء الفرائض ، لأن البر الإيمان ، وأداء الفرائض فرعه ، والتقوى السنة ، فلا يتم فرض إلَّا بالسنة ، ونهى عن التعاون على الإثم وهو الكفر والنفاق ، والعدوان وهو البدعة والخصام ، وهما لعبان فنهوا عن اللعب ، كما أمروا بالبر وهو الفرض والسنة ، وأخذ النفس بالصبر على ذلك كله خالصا للَّه فيه .