responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير التستري نویسنده : سهل بن عبد الله التستري    جلد : 1  صفحه : 212


وداعا ، وخف اللَّه يؤمنك ، وارجه يؤملك ، واتكل عليه يكفك ، وعليك بالخلوة تنقطع الآفات عنك . ولقد قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما : لو لا مخافة الوسواس لرحلت إلى بلاد لا أنيس بها ، وهل يفسد الناس إلا الناس .
ثم قال سهل : مخالطة الولي بالناس ذل ، وتفرده عزّ ، وما رأيت أولياء اللَّه تعالى إلا منفردين ، إن عبد اللَّه بن صالح رحمه اللَّه كان رجلا له سابقة جليلة وموهبة جزيلة ، وكان يفرّ من بلد إلى بلد ، حتى يأتي مكة ، فطال بها مقامه ، فقلت له : لقد طال مقامك بها . فقال : ولم لا أقيم بها ، ولم أر بقعة ينزل فيها من الرحمة والبركة مثلها يطوف الملائكة حول البيت غدوا وعشية على صور شتى ، لا يقطعون ذلك ، وإن فيها عجائب كثيرة ، ولو قلت كلما رأيت لصغرت عنه قلوب أقوام ليسوا بمؤمنين . فقلت : أسألك بحق الحق أن تخبرني بشيء من ذلك . فقال : ما من ولي للَّه تعالى صحّت ولايته إلا وهو يحضر في هذه البلد في كل ليلة جمعة ، ولقد رأيت رجلا يقال له مالك بن القاسم الجبلي رحمه اللَّه تعالى ليلة هاهنا ورأيت على يده غمرا فقلت : إنك لقريب العهد بالأكل . فقال : أستغفر اللَّه فإني منذ أسبوع لم أطعم شيئا ، ولكني أطعمت والدتي وأسرعت لأدرك صلاة الفجر هاهنا جماعة ، وبين مكة وبين الموضع الذي جاء منه سبعمائة فرسخ ، فهل أنت مؤمن بذلك ؟ فقلت : بلى . فقال : الحمد للَّه الذي أراني مؤمنا مؤمنا « 1 » .
وقال ابن سالم : كنت عند سهل رحمه اللَّه تعالى ، فأتاه رجلان بعد صلاة العصر ، وجعلا يحدثانه ، فقلت في نفسي : لقد أبطأا عنده ، وما أراهما يرجعان في هذا الوقت ، وذهبت إلى منزلي لأهيىء لهما عشاء ، فلما رجعت إليه لم أر عنده أحدا ، فسألت عن حالهما ، فقال : إن أحدهما يصلي المغرب بالمشرق ، والآخر بالمغرب ، وإنما أتياني زائرين .
ولقد دخل سهل على رجل من عباد البصرة ، فرأى عنده بلبلة في قفص ، فقال : لمن هذه البلبلة ؟ فقال : لهذا الصبي ، كان ابنا له ، قال : فأخرج سهل من كمه دينار فقال : بني أيما أحب إليك الدينار أم البلبلة ؟ فقال : الدينار . فدفع إليه الدينار وأطلق البلبلة . قال : فقعد البلبل على حائط الدار حتى خرج سهل ، فجعل يرفرف فوق رأسه ، حتى دخل سهل داره ، وكان في داره سدرة فسكنت البلبلة السدرة ، فلم تزل فيها حتى مات ، فلما رفعوا جنازته جعلت ترفرف فوق جنازته والناس يبكون ، حتى جاؤوا بها إلى قبره ، فوقفت في ناحية حتى دفن وتفرق الناس عن قبره ، فلم تزل تضطرب على قبره حتى ماتت ، فدفنت بجنبه .
واللَّه سبحانه وتعالى أعلم .


( 1 ) صفوة الصفوة 4 / 254 ( رقم 788 ) .

نام کتاب : تفسير التستري نویسنده : سهل بن عبد الله التستري    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست