[ سورة الفلق ( 113 ) : الآيات 1 الى 5 ] بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ( 1 ) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ( 2 ) ومِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ ( 3 ) ومِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ( 4 ) ومِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ ( 5 ) قوله تعالى : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [ 1 ] قال : إن اللَّه تعالى أمره في هاتين السورتين بالاعتصام والاستعانة به ، وإظهار الفقر إليه . قيل : ما إظهار الفقر ؟ قال : هو الحال بالحال ، لأن الطبع ميت وإظهاره حياته . وقال : أفضل الطهارة أن يطهر العبد من حوله وقوته ، وكل فعل أو قول لا يقارنه « لا حول ولا قوة إلا باللَّه » لا يتولاه اللَّه عزّ وجلّ ، وكل قول لا يقارنه استثناء عوقب عليه ، وإن كان برا ، وكل مصيبة لا يقارنها استرجاع لم يثبت عليها صاحبها يوم القيامة . قال : والفلق : الصبح عند ابن عباس رضي اللَّه عنه ، وهو عند الضحاك : واد في النار ، وعند وهب : بيت في النار ، وعند الحسن : جب في النار . وقيل : أراد به جميع الخلق ، وقيل : هو الصخور تنفلق عن المياه . مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ [ 2 ] من الإنس والجن ، وذلك أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في بئر بني بياضة ، وكان يسد إليها فاسد إليها فدب فيه السحر ، فاشتد عليه ذلك ، فأنزل اللَّه تعالى المعوذتين ، وأخبره جبريل عليه السلام بالسحر ، وأخرج إليها رجلين من أصحابه فأخرجاه من البئر ، وجاءا به إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فجعل يحل عقدة ويقرأ آية ، حتى برىء رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعد ما ختم السورتين بلا مهلة ، فكان لبيد بعد ذلك يأتي إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فما رأى في وجه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من ذلك شيئا ، ولا ذاكره ذلك « 1 » . ومِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ [ 3 ] يعني إذا دخل الليل . وقيل : إذا اشتدت ظلمته . وقيل : وقوب الليل في النهار أول الليل ترسل فيه عفاريت الجن فلا يشفى مصاب تلك الساعة . قال سهل : ومِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ [ 3 ] باطنها الذكر إذا دخله رؤية النفس ، فستر عن الإخلاص للَّه بالذكر فيه . ومِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ [ 4 ] أي السواحر تنفث في العقد . ومِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ [ 5 ] يعني اليهود حسدوا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حتى سحروه . وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما : في هذه الآية هو نفس ابن آدم . واللَّه سبحانه وتعالى أعلم .
( 1 ) انظر خبر السحر في : صحيح البخاري : باب هل يستخرج السحر ، رقم 5432 ، وباب إن اللَّه يأمر بالعدل ، رقم 5716 ، ودلائل النبوة للأصبهاني 1 / 170 والسيرة 3 / 48 .