responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير التستري نویسنده : سهل بن عبد الله التستري    جلد : 1  صفحه : 16


وأن اللَّه عزّ وجلّ فرغ من علم عباده وما يعملون قبل أن خلقهم ، ولم يجبرهم على المعصية ، ولا أكرههم على الطاعة ، ولا أهملهم من تدبيره ، بل نبه على ما تواعد به من كذب بقدره فقال :
فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [ الكهف : 29 ] على وجه التهدد ، إذ لا حول لهم ولا قوة إلَّا بما سبق علمه فيهم أنه سيكون منه بهم ، ولهم قال اللَّه تعالى : وإِذا أَرادَ اللَّه بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَه [ الرعد : 11 ] فالخير من اللَّه تعالى أمر ، وإليه الولاية فيه ، والشر من اللَّه نهي ، وإليه العصمة فيه .
قال سهل رضي اللَّه عنه : وما من آية في القرآن إلَّا ولها أربعة معان ، ظاهر وباطن وحدّ ومطلع ، فالظاهر التلاوة ، والباطن الفهم ، والحد حلالها وحرامها ، والمطلع إشراف القلب على المراد بها فقها من اللَّه عزّ وجلّ . فالعلم الظاهر علم عام ، والفهم لباطنه ، والمراد به خاص ، قال تعالى : فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً [ النساء : 78 ] أي لا يفقهون خطابا .
قال سهل : فلا بد للعبد من مولاه ، ولا بد له من كتابه ، ولا بد له من نبيه صلى اللَّه عليه وسلَّم ، إذ قلبه معدن توحيده ، وصدره نور من جوهره أخذ قواه من معدنه إلى هيكله ، فمن لم يكن عنده شيء يتبع به أو أضرب عنه كذلك لم تكن الجنة منزلا له ، وإذا لم يكن اللَّه معه وناصره فمن معه ، وإذا لم يكن القرآن إمامه ، ولم يكن النبي صلى اللَّه عليه وسلَّم له شافعا من يشفع له ، وإذا لم يكن في الجنة فهو في النار .
وقوله : « صدره نور » أي موضع النور . « من جوهره » : وهو أصل محل النور في الصدر الذي منه ينتشر النور في جميع الصدر . وإضافة الجوهر إلى اللَّه تعالى ليس المراد ذاته ، وإنما هي على طريق الملك . « أخذ قواه » : يعني قوى النور من معدنه ، وهو الصدر وما حل مصدق . « إلى هيكله » : يعني إلى جوارحه ، وإنما عنى بها نور الطاعات التي في الجوارح ، فمن لم يكن عنده شيء من الهداية سمع به ، أي فهم به .
وقال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « القرآن شافع مشفّع وما حل مصدق ، فمن شفع له القرآن نجا ، ومن محل به هلك » « 1 » . وقال سهل : إن اللَّه تعالى أنزل القرآن على نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، وجعل قلبه معدنا لتوحيده والقرآن ، فقال : نَزَلَ بِه الرُّوحُ الأَمِينُ ( 193 ) عَلى قَلْبِكَ [ الشعراء : 193 - 194 ] وكلفه تبليغه والبيان عنه ليعلم المؤمنون به ما أنزل إليهم ، فمن آمن به وعلم تبيانه وعمل بحكمه كان كامل الإيمان للَّه تعالى ، ومن آمن به وقرأه ولم يعمل بعلم ما فيه لم يكمل أجره . والناس في قراءة القرآن على ثلاثة مقامات فقوم أعطوا الفهم بقيامهم بأداء الأمر واجتناب النهي من


( 1 ) نوادر الأصول 3 / 260 .

نام کتاب : تفسير التستري نویسنده : سهل بن عبد الله التستري    جلد : 1  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست