بسم الله الرحمن الرحيم التقديم : أيها القارئ الكريم بحمد الله وتوفيقه أنجزنا تحقيق هذا الكتاب ، باعتباره من الكتب المنسوبة إلى تراث أهل البيت عليهم السلام وأحد مصادر الجوامع الكبيرة المعتمدة في عصرنا . وكان التحقيق إعداديا حسب وسعنا الحاضر تسهيلا على الباحثين للخوض في غماره ، والكشف عن حاله ، فنحن لا ندعي تقييما معينا " لهذا الكتاب ، وكل ما في الامر هو أمانة كان لابد لنا من حفظها وأدائها إلى أهلها . فالآراء بصدده متباينة ما بين قادح ومادح ، وثالث يتأرجح بينهما ، وعلمنا إن هو إلا عمل الغواص الباحث بين لجج البحر المظلم عن اللئالئ والدرر . وهل هناك ظلمة أعتم من تلك التي لفت تراث المسلمين عامة ، والشيعة خاصة بعد أن طالته يد الجهل والخبث عبر العصور المختلفة ، فعمدوا إلى اختلاق أحاديث ودس أقوال ، وتشويه معالم ، وتزييف حقائق ، والنيل من كل من فاه بحقيقة ، ورام نشرها وبعثها . نعم أيها السادة ، لقد أخافتهم الحقائق ، وكبر عليهم التاريخ ، فأودعوه في ظلمات لا يعرف لها قرار وما وصل إلينا عن أسلافنا الصالحين عصفت به رياح الوضع والافتراء ، والتدليس والغلو إلا ما صححه لنا علماؤنا المتقدمون . وإزاء كل هذه العراقيل تسربت من هنا وهناك ، عبر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه في موالاة أهل البيت عليهم السلام قطرات من يم علومهم ، ونزر يسير من تراث أجلة أصحابهم ، وغيض من فيض ما دون من شجي كلامهم ، وعذب منطقهم ، وبهي ألفاظهم وجميل معاشرتهم ، وحسن سيرتهم عليهم السلام وهم مسجونين أو ملاحقين تترقبهم عيون المتجبرين المعاندين . وكأنهم عليهم السلام أدركوا ما سيؤول إليه أمر أخبارهم وسننهم فصنعوا لنا ميزانا دقيقا " متوجا " بقانون إلهي ، من تمسك به نجا ، ومن مال عنه هلك ( 1 ) . فلازم علماؤنا هذا المنهج القويم في تحقيق أصول الدين ومعارفه وفروعه ، متمسكين بالآية المحكمة والسنة المتبعة ، والأصول المتعمدة المقترنة بالقرائن المعتبرة . ووقفوا عند الشبهات ، ناظرين قوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) ( 2 ) و ( إن الظن لا يغني من الحق شيئا ) ( 3 ) ، وقد ذكرنا في بعض مواطن البحث والاشكال بيانات وإيضاحا " ، مع صفح جميل عن ذكر من أشكل عليه .