حي بين أظهرنا فقلت : يا رسول الله ! ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها ؟ فقال : يا علي ! إن أمتي سيفتنون من بعدي ، قلت : يا رسول الله ! أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحزنت على الشهادة فشق ذلك علي فقلت لي : أبشر يا صديق فإن الشهادة من ورائك ، فقال لي : فإن ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا ! وأهوى بيده إلى لحيتي ورأسي ، فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ! ليس ذلك من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشري والشكر ! فقال لي : أجل . . . ثم قال لي : يا علي ! إنك باق بعدي ، ومبتلي بأمتي ، ومخاصم يوم القيامة بين يدي الله تعالى فأعدد جوابا ، فقلت : بأبي أنت وأمي ! بين لي ما هذه الفتنة التي يبتلون بها وعلى ما أجاهدهم بعدك ؟ فقال : إنك ستقاتل بعدي الناكثة والقاسطة والمارقة - وحلاهم وسماهم رجلا رجلا ، ثم قال لي : وتجاهد أمتي على كل من خالف القرآن ممن يعمل في الدين بالرأي ، ولا رأي في الدين ، إنما هو أمر من الرب ونهيه ، فقلت : يا رسول الله فأرشدني إلى الفلج عند الخصومة يوم القيامة ، فقال : نعم ، إذا كان ذلك فاقتصر على الهدى ، إذا قومك عطفوا الهدى على العمى ، وعطفوا القرآن على الرأي فتأولوه برأيهم . . . يا علي إن القوم سيفتنون ويفتخرون بأحسابهم وأموالهم ويزكون أنفسهم ويمنون دينهم على ربهم ، ويتمنون رحمته ويأمنون عقابه ، ويستحلون حرامه بالمشتبهات الكاذبة ، فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع ، ويمنعون الزكاة ويطلبون البر ، ويتخذون فيما بين ذلك أشياء من الفسق لا توصف صفتها ، ويلي أمرهم السفهاء ، ويكثر أتباعهم على الجور والخطأ ، فيصير الحق عندهم باطلا والباطل حقا ، ويتعاونون عليه ويرمونه بألسنتهم ، ويعيبون العلماء ويتخذونهم سخريا ، يا رسول الله ! فبأية المنازل هم إذا فعلوا ذلك بمنزلة فتنة أو بمنزلة ردة ؟ قال : بمنزلة فتنة ، ينقذهم الله بنا أهل البيت عند ظهورنا . . . يا علي ! بنا فتح الله الإسلام وبنا يختمه ، بنا أهلك الأوثان ومن يعبدها ، وبنا يقصم كل جبار وكل منافق ، حتى إنا لنقتل في الحق مثل من قتل في الباطل !