تكفل إلهي استثنائي بحفظ القرآن ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) لأنه آخر الكتب الإلهية ، وإذا لم يحفظ ووقع فيه التحريف كما وقع في غيره ، فإن البشرية ستبقى قرونا طويلة وليس على وجه الأرض كتاب سماوي سليم ! وعندما يتكفل الله عز وجل بحفظ شئ أو بعمل شئ فإن له طرقه وأساليبه ووسائله في ذلك ، وليس من الضروري أن نعرفها نحن ، ولا أن تفهمها أكبر عقولنا الرياضية ! نعم يمكن أن نفهم بناء الله تعالى للنص القرآني بناء فريدا يجذب أجزاءه إليه ، وينفي عنه ما ليس منه . . . فقد جعل الله القرآن أشبه بطبق من الجواهر الفريدة ، إذا وضع بينها غيرها انفضح ! وإذا أخذ منها شئ إلى مكان آخر ، نادى بغربته حتى يرجع إلى طبقه ! ونفهم منها دور أهل بيت النبي في حفظ القرآن حيث جعلهم الله تعالى توأما له وقال عنهم النبي صلى الله عليه وآله في الحديث الصحيح عند الجميع ( وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروني بم تخلفوني فيهما ) رواه أحمد ج 3 ص 17 ونحوه مسلم والهيثمي وغيرهم . . . كما نفهم من التكفل الإلهي بحفظ القرآن أن خطرا حقيقا سيحدث عليه ، وأن وضع الأمة بعد نبيها سوف لا يكفي لحفظه بدون ضمان رباني استثنائي ! فأين هذا الخطر الذي واجه القرآن في تاريخنا الإسلامي ؟ وهل نكتفي بذكره بالعموميات والخطابيات ، دون أن نبحث عنه ونحاول أن نضع يدنا عليه . . . ؟ في اعتقادي أنا لا نجد في تاريخ القرآن خطرا على نصه أشد من الفترة التي تلت وفاة النبي صلى الله عليه وآله إلى . . أن تم تدوينه في عهد الخليفة عثمان . . وهو ما حاولت أن أقدمه في هذا الكتاب بشئ من العمق والصراحة . . والله الموفق . الحوزة العلمية بقم المشرفة - غرة محرم الحرام 1418 علي الكوراني العاملي