ولعل هذه الرواية تتحدث عن فزع عقلاء المسلمين من ظاهرة تعدد القراءات في عهد الخليفة عمر واختلاف الناس بسببها ، لذا التجؤوا إلى ابن مسعود الوالي في الكوفة ومقرئ أهل العراق لحل المشكلة ، فأجابهم ابن مسعود بما كان يجيبهم الخليفة عمر بالأحرف السبعة ، ولكن هذا الجواب كان صالحا لتسكين المشكلة في أول الأمر بمساعدة سوط عمر ، أما بعده فانكشف أنه لم يسمن ولم يغن من جوع . . بل أعطى الشرعية لكل القراءات وأجج الاختلافات ! ! وقال في كنز العمال ج 2 ص 582 : ( عن أبي قلابة قال : لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل ، والمعلم يعلم قراءة الرجل ، فجعل الغلمان يتلقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين ، حتى كفر بعضهم بقراءة بعض ، فبلغ ذلك عثمان ، فقام خطيبا فقال : أنتم عندي تختلفون وتلحنون ، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافا وأشد لحنا ! فاجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناس إماما ) انتهى . وأكثر مؤرخ ومحدث تعرض لروايات المشكلة هو عمر بن شبة ، قال في تاريخ المدينة ج 3 ص 991 : ( . . . عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قدم على عثمان رضي الله عنه ، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق وأفزع باختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر عثمان زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما أنزل بلسانهم ، ففعلوا ذلك ، حتى إذا نسخ المصحف رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .