وسابعا ، وإن عجبت فاعجب من أن الخليفة عمر أعطى لنفسه الحق في أن يرخص لكل الناس بما لم يرخصه الله تعالى لرسوله الذي هو أعظم عقلية بشرية على الاطلاق ، فقد قال تعالى وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا : ائت بقرآن غير هذا ، أو بدله . قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ، إن أتبع إلا ما يوحى إلى . إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم - يونس - 15 وثامنا ، روى الخليفة نظرية تعويم نص القرآن . . ولكن الجو العام للمسلمين لم يسمح لأحد بالاستفادة منها والحمد لله . . وذلك بسبب قوة القرآن الذاتية وفرادة نصه المعجز . . فالمسلمون يعرفون أنه كلام رب العالمين وأن النبي نفسه صلى الله عليه وآله لا يستطيع أن يغير منه حرفا من تلقاء نفسه ، وهم يريدون هذا النص المعجز ولا يسمعون لقول قائل بأنه سبعة أشكال ، أو أنه مفتوح ليتصرف في نصه المتصرفون ويحرفوا كلام الله عن مواضعه ويلوون به ألسنتهم ويقولون هو من عند الله تعالى ! * * لا يجد الإنسان جوابا لأعمال الخليفة هذه . . ولكنه يجد ظروفا خطيرة حدثت على القرآن بعد النبي صلى الله عليه وآله ، واستمرت بضع عشرة سنة ، وسببت اختلاف الأمة في نصوصه . . حتى نهض الغيارى على الإسلام ، وكتبوا نسخته على نسخة علي عليه السلام كما ستعرف . وتجلت فاعلية قوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون . فالحمد لله الذي جعل الأعمال والنظريات المنافية لحفظ كتابه حبرا على ورق ، وهواء في شبك ! !