نفهم من هذه الروايات أن الخليفة عمر كان يجيز لنفسه وللصحابة الإجتهاد في نص القرآن الكريم . . وكأن المسألة أن أحدا كتب نصا وأبقى المجال مفتوحا للقراء لإجراء بعض التحسينات عليه والاجتهادات فيه . . فهل أن نص القرآن الكريم كذلك ؟ ! إن ملاك الخليفة في اختيار كلمة نخرة أو ناخرة هو الأنسب لقوافي الآيات ، أو للمألوف من الكلمات . . هكذا وبكل بساطة وجرأة . . وكأنه أحاط بعلم الله في اختيار ألفاظ كتابه أو حصل منه على تفويض . . ! ثم يجب على العباد أن يقبلوا قراءته ويتعبدوا بها ، ويعتقدوا أنها الكلمة التي أنزلها الله تعالى ! قد يقول قائل : لا فرق يذكر بين قراءة نخرة بدون ألف أو بألف . فالأمر سهل ، ولا يصح أن نعطي المسألة أكثر من حجمها ! ولكن الأمر ليس سهلا والفرق ليس قليلا ، سواء في ألفاظ القرآن أو في معانيه . . لأن بناء القرآن بناء خاص لا يشبهه بناء كلام البشر ، والحرف الواحد منه له دوره بل أدواره في موضعه وفي مجموع القرآن ، بل في عوالم وجود القرآن وتأثيراتها في الوجود . . فالقول بعدم تأثير زيادة حرف أو نقصه قول سطحي يصدر عمن لم يستوعب خطورة البناء اللفظي للقرآن وكونية هذا البناء . . ! والكلام نفسه يصح في زيادة شئ في المعنى القرآني أو نقصه ، أو إحداث أدنى تغيير فيه ! فمن يدري لعل الله تعالى يريد الخروج عن قافية الآيات بكلمة نخرة ؟ ثم من يدري ما هو بالضبط القول الذي يريد الله تعالى نقله عن المشركين المستبعدين لبعث العظام البالية . . هل قولهم النخرة أو الناخرة . . ؟ إن مقولة عدم الفرق بين هذه اللفظة وتلك مقولة سطحية ، فالترادف الكامل من كل الجهات إن كان موجودا في اللغة العربية فهو غير موجود في ألفاظ القرآن ، والفرق بين الناخرة والنخرة هنا قد يكون من عشرين وجها . . وقد يكون أولها التغيرات الفيزيائية التي تحدث على العظام حتى تكون نخرة بالية ، أو حتى تكون ناخرة مجوفة ولو لم يكمل بلاها . . !