أتى بأو لتدل على هذا التفصيل ، فعلى هذا يكون الضمير في بهما عائدا على المشهود له والمشهود عليه على أي وصف كانا عليه لاعلى الصفة ، وقيل الضمير عائد إلى ما دل عليه الكلام ، والتقدير : فالله أولى بالغنى والفقير ، وقيل يعود على الغنى والفقير لدلالة الاسمين عليه ( أن تعدلوا ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها تقديره : في أن لا تعدلوا ، فحذف لا : أي لا تتبعوا الهوى في ترك العدل . والثاني تقديره : ابتغاء أن تعدلوا عن الحق . والثالث تقديره : مخافة أن تعدلوا عن الحق ، وعلى الوجهين هو مفعول له ( وإن تلووا ) يقرأ بواوين الأولى منهما مضمومة وهو من لوى يلوى . ويقرأ بواو واحدة ساكنة . وفيه وجهان أحدهما أصله تلووا كالقراءة الأولى إلا أنه أبدل الواو المضمومة همزة ، ثم ألقى حركتها على اللام : وقد ذكر مثله في آل عمران . والثاني أنه من ولى الشئ : أي وإن تتولوا الحكم أو تعرضوا عنه أو إن تتولوا الحق في الحكم .
قوله تعالى ( لم يكن الله ليغفر لهم ) قد ذكر في قوله " ما كان الله ليذر المؤمنين " .
قوله تعالى ( جميعا ) هو حال من الضمير في الجار وهو قوله " لله " .
قوله تعالى ( وقد نزل ) يقرأ على ما لم يسم فاعله ، والقائم مقام الفاعل ( أن ) وما هو تمام لها ، وأن هي المخففة من الثقيلة : أي أنه ( إذا سمعتم آيات الله ) .
ويقرأ نزل على تسمية الفاعل ، وأن في موضع نصب . وتلخيص المعنى : وقد نزل عليكم المنع من مجالستهم عند سماع الكفر منهم ، و ( يكفر بها ) في موضع الحال من الآيات ، وفى الكلام حذف تقديره : يكفر بها أحد ، فحذف الفاعل وأقام الجار مقامه ، والضمير في ( معهم ) عائد على المحذوف . فلا تفعلوا محمول على المعنى أيضا ، لأن معنى وقد نزل عليكم ، وقد قيل والفاء جواب إذا ( إنكم إذا مثلهم ) إذا هاهنا ملغاة لوقوعها بين الاسم والخبر ، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل .
وأفرد مثلا لأنها في معنى المصدر ، ومثله " أنؤمن لبشرين مثلنا " وقد جمع في قوله " ثم لا يكونوا أمثالكم " وقرئ شاذا " مثلهم " بالفتح ، وهو مبنى لإضافته إلى المبهم ، كما بنى في قوله " مثل ما أنكم تنطقون " ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى ، وقيل نصب على الظرف كما قيل في بيت الفرزدق : * وإذ ما مثلهم بشر * أي أنكم في مثل حالهم .