كان أمرا ، لأنه صار في حكم الشرط حيث وصلت التي بالفعل ، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب ، لأن تقدير الفعل قبل أداة الشرط لا يجوز ، وتقديره بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله " فاستشهدوا " لان استشهدوا لا يصح أن يعمل النصب في اللاتي ، وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الابتداء ، وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره : اقصدوا اللاتي أو تعمدوا ، وقيل الخبر محذوف : تقديره وفيما يتلى عليكم حكم اللاتي ففيما يتلى هو الخبر ، وحكم هو المبتدأ ، فحذفا لدلالة قوله " فاستشهدوا " لأنه الحكم المتلو عليهم ( أو يجعل الله ) أو عاطفة ، والتقدير : أو إلى أن يجعل الله ، وقيل هي بمعنى إلا أن ، وكلاهما مستقيم ( لهن ) يجوز أن يتعلق بيجعل ، وأن يكون حالا من ( سبيلا ) قوله تعالى ( واللذان يأتيانها ) الكلام في اللذان كالكلام في اللاتي ، إلا أن من أجاز النصب يصح أن يقدر فعلا من جنس المذكور تقديره : آذوا اللذين ، ولا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هاهنا ولو عرا من ضمير المفعول ، لأن الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط ، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها ، ويقرأ اللذان بتخفيف النون على أصل التثنية ، وبتشديدها على أن إحدى النونين عوض من اللام المحذوفة ، لأن الأصل اللذيان مثل العميان والشجيان ، فحذفت الياء لأن الاسم مبهم ، والمبهمات لا تثنى التثنية الصناعية ، والحذف مؤذن بأن التثنية هنا مخالفة للقياس ، وقيل حذفت لطول الكلام بالصلة ، فأما هذان وهاتين ، وفذانك فنذكرها في مواضعها .
قوله تعالى ( إنما التوبة ) مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما هو ( على الله ) أي ثابتة على الله ، فعلى هذا يكون ( للذين يعملون السوء ) حالا من الضمير في الظرف ، وهو قوله " على الله " والعامل فيها الظرف أو الاستقرار : أي كائنة للذين ، ولا يجوز أن يكون العامل في الحال التوبة لأنه قد فصل بينهما بالجار . والوجه الثاني أن يكون الخبر " للذين يعملون " ، وأما " على الله " فيكون حالا من شئ محذوف تقديره : إنما التوبة إذ كانت على الله أو إذا كانت على الله ، فإذ أو إذا ظرفان العامل فيهما الذين يعملون السوء ، لأن الظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدم عليه ، وكان التامة وصاحب الحال ضمير الفاعل في كان ، ولا يجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها الذين لأنه عامل معنوي ، والحال لا يتقدم على المعنوي ، ونظيره هذه المسألة قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا .