تقديره : نافعا أو نحو ذلك ، وفى " ما " وجهان : أحدهما هي بمعنى الذي ، والثاني مصدرية ، ولا يجوز أن تكون كافة ولا زائدة ، إذ لو كان كذلك لانتصب خير بنملى ، واحتاجت أن إلى خبر إذا كانت ما زائدة أو قدر الفعل يليها ، وكلاهما ممتنع وقد قرئ شاذا بالنصب على أن يكون لأنفسهم خبر إن ، ولهم تبيين أو حال من خير ، وقد قرئ في الشاذ بكسر إن وهو جواب قسم محذوف ، والقسم وجوابه يسدان مسد المفعولين ، وقرأ حمزة " تحسبن " بالتاء على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم الذين كفروا المفعول الأول ، وفي المفعول الثاني وجهان : أحدهما الجملة من أن وما عملت فيه ، والثاني أن المفعول الأول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه ، والتقدير : ولا تحسبن إملاء الذين كفروا ، وقوله " أنما نملي لهم " بدل من المضاف المحذوف ، والجملة سدت مسد المفعولين ، والتقدير : ولا تحسبن أن إملاء الذين كفروا خير لأنفسهم ، ويجوز أن تجعل أن وما عملت فيه بدلا من الذين كفروا بدل الاشتمال ، والجملة سدت مسد المفعولين ( أنما نملي لهم ليزدادوا ) مستأنف وقيل أنما نملي لهم تكرير للأول ، وليزدادوا هو المفعول الثاني لتحسب على قراءة التاء ، والتقدير : ولا تحسبن يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادوا إيمانا بل ليزدادوا إثما ، ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك .
قوله تعالى ( ما كان الله ليذر ) خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا لأن يذر ، ولا يجوز أن يكون الخبر ليذر لأن الفعل بعد اللام ينتصب بأن فيصير التقدير : ما كان الله ليترك المؤمنين على ما أنتم عليه ، وخبر كان هو اسمها في المعنى ، وليس الترك هو الله تعالى ، وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل وهذا ضعيف لأن ما بعدها قد انتصب ، فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة ، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا ، وأصل يذر يوذر ، فحذفت الواو تشبيها لها بيدع لأنها في معناها ، وليس لحذف الواو في يذر علة إذا لم تقع بين ياء وكسرة ولا ما هو في تقديره الكسرة ، بخلاف يدع فإن الأصل يودع ، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ما هو في تقدير الكسرة ، إذ الأصل يودع مثل يوعد ، وإنما فتحت الدال من يدع ، لأن لامه حرف حلقي فيفتح له ما قبله ، ومثله يسع ويطأ ويقع ونحو ذلك ، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك ( يميز ) يقرأ بسكون الياء وماضيه ماز ، وبتشديدها وماضيه ميز ، وهما بمعنى واحد ، وليس التشديد لتعدى الفعل مثل فرح وفرحته ، لأن ماز وميز يتعديان إلى مفعول واحد .