وفي حين يعرض الاسلام نظريته الصحية في إطار متكامل كما سنرى بعد قليل ، فان نظاماً كنظام الكنيسة النصرانية تبنى لأكثر من الف سنة النظرية الإغريقية في الطب [1] ؛ حيث تزعم هذه النظرية ان سوائل الجسم الانساني - التي تتكون من أربعة أنواع هي الدم والبلغم والمرارة الصفراء والسوداء - هي سبب نشوء الأمراض . فإذا نقص مستوى أحد هذه السوائل الأربعة واختل توازنها ، نشأ المرض . ولم تسمح الكنيسة النصرانية الأوروبية في القرون الوسطى تطوير البحوث العلمية الطبية ، بل أنكرت على المكتشفين من علماء الطبيعة والطب اكتشافاتهم بحجة ان الانسان الذي لن يتحقق له الخلود في الحياة الدنيوية لا يحق له البحث في الكيان الخالد للطبيعة التي خلقها الخالق سبحانه وتعالى . وكانت غاية الكنيسة من ذلك ، ربط المرضى بالطب الروحي الذي كان يمارسه الكهنة ويحصلون فيه على كمية غير قليلة من الأجور [2] .
ولكن اكتشاف ( لويس باستور ) نظريته الجرثومية في القرن التاسع عشر ، أدى إلى قلب نظرية الكنيسة النصرانية ، وتطور العلوم الطبية تدريجياً ووصولها إلى ما وصلت إليه اليوم .