responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 205


لكن البديل كان أكثر صعوبةً بكثيرٍ من الطلب الأول . إذ لو كان أحدٌ يدري أين يكمن الإعجاز لما ظهر السؤال الأول أصلاً .
ومن أين للعلماء المعرفة بسرِّ الإعجاز وهم يجرون عليه قواعد اللغة العربية وأساليبها اللغوية ؟ . لذلك فإنَّهم تشبَّثوا بالتحدّي القرآني نفسه أمام الشاكِّ ، فأجابوه بما معناه : إن لم يكن هو كلام الله فأتوا بمثله إذن ؟ . لكن الفرق بين تحدّي القرآن وتحدّيهم بعبارة القرآن هو كالفرق بين الحق والباطل . ذلك لأنّهم استخدموا التحدّي القرآني بعد مقدِّمةٍ خاطئةٍ وضعوها من تلقاء أنفسهم ، فأصبح التحدّي القرآني ضدَّهم لا ضد الشاكِّ .
فقد سأل الشاكُّ قائلاً : لماذا لا نقدر على أن نأتي بمثله ؟ . فإنَّكم تقولون أنَّه يجري على الأساليب العربية وقواعدها وبلاغتها ، فأين يكمن السرُّ في عجزنا أن نأتي بمثله إذا كان كلامنا وكلامه محكومين بنفس القواعد ؟
وأمام هذا السؤال الكبير عجزت عقول الأمة عن الإجابة المنطقية طوال العصور كما ترى . وهنا تفرّعت للمشكّكين مجموعةٌ من التساؤلات تهدف إلى إبطال الإعجاز ، والتشكيك بصحّة نسبة القرآن إلى الله .
وهكذا حصر العلماء أنفسهم في الزاوية الحرجة أمام المشكّكين بإخضاعهم القرآن للقواعد الموضوعة . وهي النتيجة المحتومة لمثل هذا السلوك الذي يقلب الأمور ويجعل الإمامَ مأموماً والحاكمَ محكوماً .
إنَّ نقاش المشكّكين هو نقاشٌ صحيحٌ على المنطق السليم ، بينما نقاش العلماء هو المخطوء ، إذ كان عليهم أن ينتبهوا إلى أنَّ تلك التساؤلات وما ترتّب عليها من نتائج كانت من وضعهم هم لا من وضع المشكّكين ، إذ لا عتب على الشاكّ ولا على من قال الله تعالى عنه أنَّه لن يؤمن ولو جئته بكلِّ آيةٍ . إنَّما العتبُ على من آمن . إذ يتوجَّب عليه أن يجيبَ بصورةٍ منطقيةٍ صحيحةٍ على هذه الأسئلة : كيف آمن ؟ ولماذا ؟ ومن أين علِمَ أنَّ هذا الكلام هو كلام الله ؟ .
فحينما نقوم بوضع الأشياء بالمقلوب بالاتّفاق مع الخُصم على هذا الوضع ، فإنَّ محاولتنا في الإقناع بعد ذلك ستذهب هباءً ، وستكون الغلبة له لا محالة وسيخرج منتصراً ، لأنَّ النتيجة التي نحاولها تخالف المقدِّمة الخاطئة التي أذعنَّا له بصحّتها بعد إنْ أوقَعَنا في الشرك الذي نصبه لنا . فمنذ تلك اللحظة تكون أشيائه وأفكاره منظّمةً

نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست