جَمِيعاً » « 1 » فان جميع ذلك دلالة على قدرته عليهم .
ولا يدل قوله « ولَوْ شاءَ اللَّه مَا اقْتَتَلُوا » على أنه قد شاء اقتتالهم ، لأنه إذا احتمل الكلام وجهين : أحدهما يجوز عليه ، والاخر لا يجوز عليه ، وجب حمله على ما يجوز حمله عليه دون ما لا يجوز عليه ، فلذلك كان تقدير الكلام . ولو شاء اللَّه امتناعهم بالإلجاء ما اقتتلوا .
ونظيره قول القائل : لو شاء السلطان الأعظم لم يشرب النصارى الخمر في سلطانه ، ولا نكحت المجوس الأمهات والبنات . وليس في ذلك دليل على أنه قد شاءه .
وانما كرر قوله « ولَوْ شاءَ اللَّه مَا اقْتَتَلُوا » لاختلاف المعنى ، فمعنى الاول لما « 2 » شاء اللَّه ما اقتتلوا باضطرارهم الى الحال التي يرتفع معها التكليف ، ومعنى الثاني بالأمر للمؤمنين أن يكفوا عن قتالهم ، ويجوز أن يكون لتأكيد التثنية « 3 » على هذا المعنى .
فصل : قوله « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيه ولا خُلَّةٌ ولا شَفاعَةٌ » الاية : 254 .
قوله « ولا شفاعة » وان كان على لفظ العموم فالمراد به الخصوص بلا خلاف لان عندنا قد يكون شفاعة في إسقاط الضرر ، وعند مخالفينا في الوعيد قد يكون في زيادة المنافع ، فقد أجمعنا على ثبوت شفاعة ، وانما ننفي نحن الشفاعة قطعا عن الكفار ومخالفونا في كل مرتكب كبيرة إذا لم يتب منها .