آياتي من العسر والكرامة بالدلالة التي كسبت الرفعة في الدنيا والاخرة .
ويجوز أن يكون معناه : اني أحكم عليهم بالانصراف وأسميهم بأنهم منصرفون عنها ، لأنهم قد انصرفوا عنها ، كما قال « ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّه قُلُوبَهُمْ » « 1 » .
ويحتمل أن يكون المراد انى سأصرفهم عن التوراة والقرآن وما أوحى اللَّه من كتبه ، بمعنى أمنعهم من إفساده وتغييره وإبطاله ، لأنه قال في أول الاية « وكتبنا له في الألواح » الى قوله « سأصرف عن آياتي » .
ويجوز أن يكون المراد سأريهم آياتي فينصرفون عنها ، وهم الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ، كما يقول القائل : سأحير فلانا أي أسأله عن شيء ، فيتحير عند مسألتي ، وسأنجل فلانا أي : أسأله ما ينجل عنده .
وكذلك يقال : سأقطع فلانا بكلامي ، والمراد أنه سينقطع عند كلامي ، وكل ذلك واضح بحمد اللَّه .
ومن قال من المجبرة : ان اللَّه تعالى يصرفه عن الايمان .
قوله باطل ، لأنه تعالى لا يجوز أن يصرف أحدا عن الايمان ، لأنه لو صرفه عنه ثم أمره به لكان كلفه ما لا يطيقه ، وذلك لا يجوز عليه تعالى . وأيضا فان اللَّه تعالى بين أنه يصرفهم عن ذلك مستقبلا جزاء لهم على كفرهم الذي كفروا ، فكيف يكون ذلك صرفا عن الايمان .
وقيل : معناه سأصرف عن ابطالها والطعن فيها بما أظهره من حججها ، كما يقال : سأمنعك من فلان ، أي من أذاه ، ذكره البلخي .
فصل : قوله « والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ولِقاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ » الاية : 147 .
قوله « حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ » اخبار من اللَّه تعالى أن من كذب بآياته ويجحد البعث والنشور تنحبط أعماله ، لأنها تقع على خلاف الوجه الذي يستحق بها المدح