الشعور هو ابتداء العلم بالشيء ، من جهة المشاعر ، وهي الحواس ، ولذلك لا يوصف تعالى بأنه شاعر ، ولا أنه يشعر ، وانما يوصف بأنه عالم ويعلم . وقد قيل : ان الشعور ادراك ما دق للطف الحس ، مأخوذ من الشعر لدقته . ومنه شاعر لأنه يفطن من اقامة الوزن وحسن النظم بالطبع لما لا يفطن له غيره .
فان قيل : كيف يجوز أن يكونوا أحياء ؟ ونحن نرى جثتهم على خلاف ما كانت عليه في الدنيا .
قيل : ان النعيم والعذاب انما يصل الى الروح وهي الحية ، وهي الإنسان دون الجثة ، والجثة كالحية واللباس لصيانة الأرواح . ومن زعم أن الإنسان هذه الجملة وجعل الجثة جزءا منها ، فانه يقول : يلطف أجزاء من الإنسان يوصل اليه النعيم وان لم يكن الإنسان بكماله ، على نحو ما ذكرنا أن النعيم لا يصل اليه نفسه .
فصل : قوله « إِنَّ الصَّفا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّه فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْه أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ومَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّه شاكِرٌ عَلِيمٌ » الاية : 158 .
الصفا والمروة : هما الجبلان « 1 » المعروفان بالحرم ، وهما من الشعائر ، كما قال اللَّه تعالى .
والشعائر : المعالم للأعمال ، فشعائر اللَّه معالم اللَّه التي جعلها مواطن للعبادة وهي أعلام متعبداته من موقف أو مسعى أو منحر ، وهو مأخوذ من شعرت به ، أي علمت . وكل معلم لعبادة من دعاء أو صلاة أو أداء فريضة ، فهو مشعر لتلك العبادة وواحد الشعائر شعيرة ، فشعائر اللَّه أعلام متعبداته . قال الكميت :
نقتلهم جيلا فجيلا نراهم شعائر قربان بهم نتقرب « 2 » والحج قصد البيت بالعمل المشروع : من الإحرام ، والطواف ، والوقوف