والثاني : أن يراد بالهداية الهداية الى الثواب وبالإضلال إضلال عن الثواب والسلوك به الى العقاب ، ويكون التقدير : من يرد اللَّه أن يهديه للثواب في الاخرة يشرح صدره للإسلام في الدنيا ، بأن يفعل له اللطف الذي يختار عنده الإسلام ، ومن يرد أن يعاقبه ويعدل به عن الثواب الى النار يجعل صدره ضيقا حرجا بما سبق من سوء اختياره للكفر جزاء على فعله ، ويخذله ويخلي بينه وبين ما يريده من الكفر ، أو يحكم على قلبه بالضيق والحرج ، أو يسميه بذلك على ما فسرناه .
وهذا الإضلال لا يكون الا مستحقا ، كما أن تلك الهداية لا تكون الا مستحقة ، وقد سمى تعالى الثواب هداية في قوله « الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي هَدانا لِهذا وما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّه » « 1 » وقال « والَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ . سَيَهْدِيهِمْ ويُصْلِحُ بالَهُمْ » « 2 » والهداية بعد القتل انما هي الثواب في الجنة .
وقد سمى العقاب ضلالا في قوله « يُضِلُّ اللَّه الظَّالِمِينَ » « 3 » وقوله « وما يُضِلُّ بِه إِلَّا الْفاسِقِينَ » « 4 » هذه الجملة معنى قول أبي علي الجبائي والبلخي ، والاول قول الرماني .
فصل : قوله « لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ » الاية : 127 .
قيل : في معنى السلام ها هنا قولان :
أحدهما : قال الحسن والسدي : انه اللَّه وداره الجنة .
والثاني : قال الزجاج والجبائي : انها دار السلامة الدائمة من كل آفة وبلية .
وقوله : « عند ربهم » قيل : في معناه قولان :
أحدهما : مضمون عند ربهم حتى يوصله اليهم .